المجلس الأول من تدارس سورة العلق

الموضوع في 'سورة العلق' بواسطة المدير العام, بتاريخ ‏21 أكتوبر 2013.

  1. المدير العام

    المدير العام الإدارة طاقم الإدارة




    افتتاحية سورة العلق


    لقد كانت البشرية تسير في دياجر ظلمةِ ليلٍ بهيمٍ أطبق على الفكر فطَمَسَ مَعالِمَه و خنق الرُّوح فحَبَس أشواقها ، و كأنّ الزّمان يصرخ متأوّها من واقع قد بلغ شَأْوَه من الإنحطاط بمكانة الإنسان الكريم على الله " وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" (الجمعة، 2) لقد انقطع الناس عن رسالات السماء - على فترة من الرسل - فبلغ الجهل من الناس مبلغه تحت لظى جاهلية خرقاء وغفلة عمياء "لِتُنْذِر قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُون" (يس، 6 ) !لقد آذن ليل الجاهلية بالبَلَج ! في حلكة ذلك الظلام الدامس بزغ فجر القرآن الصادق ببَدْرِه الوضّاء "قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّه نُور " (المائدة ، 15) ليضيء أركان الكون و يحيي هذا الإنسان من جديد ! إنها نفخة نور الوحي " أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كمن مَثَلٌه في الظّلُمات ليسَ بخَارج منْهَا" (الأنعام، 122) إن الأرض تحتفل بميلادها الجديد بتنزل أطهر كلام "فِي صُحُف مُكَرَّمَة مَرْفُوعَة مُطهّرة "(عبس، 13 و14) في أطهر مكان "للذي ببكة مباركاً وهُدى للعَالمين" (آل عمران، 96)و في أطهر زمان "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مُبَارَكَة"(الدخان،3) ، على أطهر قلب بواسطة أطهر ملاك "نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين عَلَى قَلبك لتكُونَ منَ المُنْذِرين"(الشعراء، 193,194) بأبلغ لسان "بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُبِين" (الشعراء، 195) ! كيف لا يحتفي الكون بلحظة تاريخية لميلاد الإنسانية من جديد, سيخاطبك فيه خالق الأكوان ورب الأرباب أنت أنت أيها الإنسان الضعيف الفاني ! ذلك هو القرآن: الكتاب الكوني العظيم، "فهرست الوجود": (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)(الفرقان:5 (إن كل حرف من كلماته إنما هو قبس نور من عالم الغيب يضرب في أعماق الملكوت نزل إلى سماء ملئت حرسا شديدا و شهبا ! إنه حدث جلل تشرّفت به الأرض و أطّت له السماء - وحق لها أن تئطّ - حتى حارت الجنّ مشدوهة : "وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْض أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبّهمْ رَشَدًا" (الجن، 10)

    إن "اقْرَأ" (العلق، 3) هي شهادة ميلاد الانسان الجديد الذي سيصنع على عين الله "وَلتُصْنَع عَلَى عَيْني" (طه،39) يُبْنى بطوب القرءان لبنةً لبنةً إلى أن يكتمل بناؤه الوجداني و الخلقي و الاجتماعي بناءً محكماً شامخاً مع آخر آي القرآن " ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً" (المائدة،3) !

    وللقرآن مع الإنسان قصة ! فلتستمع إلى قصّة أول قطرة من غيث الوحي "وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّل الْغَيْث مِنْ بَعْدَمَا قَنَطُوا وَيَنْشُر رَحْمَته" (الشورى، 28) ، تنزل نداها على قلبٍ جمع كمالات البشر فرُشِّح لأن يكون أول وعاء لكلام الله ! كانت ليلة بأنوار سحرية في مكان هاديء بعيد عن ضجيج الحياة و ضوضاء اللغط الذي يموج في مكة! هناك حيث يستجْمِع الفكرُ خواطرَه و تُلَملِم النفس مشاعرها ! فإذا بالملك يكسر عزلة المصطفى عليه السلام مفاجئا ، إنها عبارة تكررت في كتب السير " و فجئه الوحي" ، للدلالة على عنصر المفاجأة في ذلك المقام المهيب "الله أعلم حيث يجعل رِسَالاَتِه" (الأنعام، 124) ! في تلك اللحظة لم يدر بخلد الحبيب عليه السلام أن يكون قد اختير لأعظم مهمة في التاريخ هي " تلقّي كلمات الله و بلاغ رسالاته " " وَمَا كنْت تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْك الْكِتَاب إِلَّا رَحْمَة مِنْ رَبّك" (القصص، 86) ! ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ; فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء ، يتحنث فيه الليالي ذوات العدد ، قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك ; ثم يرجع الى خديجة فيتزود لمثلها ; حتى فجئه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك ، فقال : " اقرأ " (العلق،1) : فقال : " ما أنا بقارئ - قال - فأخذني فغطني ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني " فقال : " اقرأ " فقلت : " ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : " اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم " (العلق، 1_5) الحديث بكماله !

    إن وقع تلك الآيات الأُوَل على قلب المصطفى كان شديدا تنوء بحمله الجبال، لأنَّ القرآن بما تضمن من أمانة عظمى قولٌ ثقيلٌ جداً "إنّا سَنُلْقي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلاً" (المزمل،5) !إنه كلام تصدّع الجبل لعظمته "لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَة اللَّه" (الحشـر، 26) ، فكيف الظن بفؤاد لين رقيق ! " لقد رجع يرجف بها فؤاده" ! تأمل إنه فؤاد يرجف ! لقد ارتجّ القلب لصدى آي سورة العلق ، فرجع الحبيب مبلبل الخواطر و مشتت المشاعر، كما يفعل عنصر المفاجأة في كل النفوس (زملوني .. زملوني) !فأنى لقلب أن يجمع شتات عقله ويرأب صدع قلبه و هاذي المفاجآت تترا تأتي بغتة : إنه نبي هذه الأمة ، رؤية جبريل عليه السلام على هيئته ، تنزل القرآن على قلبه !لقد رجع إلى دفء الحضن الحنون لأمنا خديجة رضي الله عنها لتدفيء صدره بهذه الكلمات الهادئة :" كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق !" بهذه المضمدات هدأ روع الحبيب ، ليستعد لخوض المعركة الأكبر للجهاد بالقرآن "وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا" (الفرقان، 52) بعزم الجبال (لقد انتهى عهد النوم يا خديجة)! لقد فتحت دار الأرقم بن أبي الأرقم أبوابها لتخريج أفواج الربانيين جيش النور الذين تتلمذوا في مدرسة القرآن فاختلطت آياته بلحمهم و دمهم ، فصاروا قرآنا يمشي على الأرض ! فالقرآن هندس تلكم الروح و صاغ ذلكم الوجدان و صبغ ذلكم الفكر "صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً" (البقرة، 138) لأفضل جيل أنجبته الإنسانية بسر تربية من خلقه القرآن عليه السلام "يَتْلُو عَلَيْهم آيَاتِه وَ يُعَلّمُهُم الكِتَابَ وَ الحِكْمَةَ وَ يُزَكّيهمْ" (البقرة، 129) ! قيام في خلوات الليل الساجي للقدح من أنوار القرآن "يَا أَيّهَا المُزَمّل قَمِ الليْلَ إلّا قَلِيلاً" ( المزمـل، 1) وقيام في سبحات النهار لتبليغ رسالات الله "يَا أَيّهَا المُدثّرْ قُمْ فَأَنْذِرْ" (المدثر،1)!

    الى كل قلب ،
    إلى القلوب الظمأى التي تلهث للارتواء من كلام الله تعالى !
    إلى الأفئدة التي تحترق بنور القرآن !
    إليكم يا أجيال النور هذا المنتدى بحُلّته الجديدة لتنثروا من كنانة قلوبكم ما فاضت به مواجيدكم و صدق مشاعركم تجاه كلمات الله تلقّيا عن الله من أنوار الآيات !
    نريد أن نسمع أزيز قلوبكم! نريد أن تصلنا رشّات وجدانكم ! نريد لأقلامكم أن تنطلق و لقلوبكم أن تعبّر و لمواجيدكم أن ترسم الحياة بالقرآن في هذا المنتدى !نريد أن نجدد العهد مع القرآن من خلال هذا المنتدى منبرا قرآنيا خالصا لا يختلط بغيره !
    و لتنطلق سفينة المنتدى بسم الله مجراها و مرساها ! فسبحان الذي سخر لنا سفينة القران تجري بنا في موج هذا الزمان العصيب ! فيا أهل القران و محبيه اركبوا في فلك النجاة و احمدوه "سُبحان الذي سَخّرَ لَنَا هَذَا وَمَاكُنّا لَهُ مُقْرنِين"(الزخرف، 13) و مسِّكوا بالكتاب يعصمكم الله من أعاصير فتن هذا الزمان "وَقُلْ رَبّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَ انْتَ خَيْرُ المُنْزِلِين" (المومنون، 29)
    نسأل الله السداد والثواب ووفقنا لما يحبه ويرضاه و رزقنا و إياكم الإخلاص في الأعمال و الصدق في الأقوال و الفِعَال. آمين !

    [​IMG]

     
  2. ايمان فهدي

    ايمان فهدي عضو جديد

    رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    باسم الله توكلنا على الله، الله اجعله عملا خالصا لوجهك الكريم، اللهم افتح علينا وأغدق علينا أنوارك وطهر قلوبنا لتليق بتلقي كلماتك ...
     
  3. فارس

    فارس مشرف ساحة خواطر قرآنية

    رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    قد فتحت دار الأرقم بن أبي الأرقم أبوابها لتخريج أفواج الربانيين من جيش النور الذين تتلمذوا في مدرسة القرآن ! على قدر الاستعداد يكون الإمداد ! فاللهم صفّ قلوبنا و حرِّر مقاصدنا و املأ مواجيدنا بفيض الإيمان حتى نتلقى كلماتك غضة طرية كما أنرلت !
    ( فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون و ان كانوا من قبل ان ينزل عليهم من قبله لمبلسين) من الابلاس أي الياس و القنوط ( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته)! فكيف حال قلوبنا يا ترى إذا أصابها غيث القران (فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون) ، فالاسبشار دليل على انتعاش الفؤاد و زهوه و هي حالة نفسية من الانس و الرضا ! فاللهم اجعل القران ربيع قلوبنا !
     
  4. Nassiba Errabti

    Nassiba Errabti عضو جديد

    رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    آمين.. آمين
     
  5. أمين

    أمين مشرف

    رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    بداية نحمد الله تعالى حمدا كثيرا أن التفت إلينا (وهو الملك العظيم ونحن من نحن من الضعف والفقر) وبعث إلينا رسولا رحيما حريصا علينا، ووحيا يرشدنا إلى سعادة الدارين، فلولا هذه النعمة لكنا في ضلال وخسران مبين، نسأله تعالى أن يوفقنا لشكرها والعمل بمقتضياتها.

    حدث نزول الوحي حدث عظيم يجب الوقوف عليه لأهميته أولا، ولأنه يكتنز العديد من الرسائل التي من شأنها أن توجه سيرنا إلى الله، وقبل أن أستطرد في ذكرها أحب أن أضع الحديث كاملا ليتضح أكثر سياق نزول القرآن الكريم:

    أولُ مَا بُدِئَ به رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من الوَحْيِ الرؤيا الصادِقَةُ في النَّوْمِ، فكان لا يَرَى رؤيا إلا جاءتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فكان يأتِي حِرَاءً فيَتَحَنَّثُ فيه، وهو التَّعَبُّدُ، الليالِيَ ذواتِ العَدَدِ، ويَتَزَوَّدُ لذلك، ثم يَرْجِعُ إلى خديجَةَ فتُزَوِّدُهُ لمِثْلِها، حتى فَجِئَهُ الحقُّ وهو في غارِ حِرَاءٍ، فجاءه المَلَكُ فيه، فقال: اقْرَأْ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( فقُلْتُ: ما أنا بِقَارِئٍ، فأخَذَني فَغَطَّني حتى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثم أَرْسَلَني فقال: اقْرَأْ، فقُلْتُ: ما أنا بِقَارِئٍ، فأَخَذَني فغَطَّني الثانيةَ حتى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثم أَرْسَلَني فقال: اقْرَأْ، فقُلْتُ: ما أنا بِقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثالثةَ حتى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثم أَرْسَلَنِي فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} - حتى بَلَغَ - {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} فرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوادِرُهُ، حتى دَخَل على خَدِيجَةَ، فَقَالَ: «زَمِّلوني زَمِّلوني» فزَمَّلوه حتى ذهب عنه الرَّوْعُ، فقال: «يا خَدِيجَةُ، ما لي» وأَخْبَرَها الخبرَ، وقال: «قد خَشِيتُ عَلَى نفسي» فقالَتْ له: كَلَّا، أَبْشِرْ، فواللَّهِ لا يُخْزيك اللَّهُ أبدًا، إنك لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحديثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْري الضيفَ، وَتُعينُ عَلَى نَوائبِ الحَقِّ، ثم انطَلَقَتْ به خَديجةُ حتى أَتَتْ به وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وهو ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أخو أبيها، وكان امْرَأً تَنَصَّرَ في الجاهليةِ، وكان يكتُبُ الكتابَ العربيَّ، فَيَكتُبُ بالعربيةِ من الإنجيلِ ما شاء اللَّهُ أن يَكتُبَ، وكان شَيْخًا كبيرًا قد عَمِيَ، فقالتْ له خديجةُ: أَيِ ابْنَ عَمِّ، اسمَعْ من ابنِ أخيكَ، فقال ورقةُ: ابنَ أخي ماذا تَرَى؟ فأَخبَرَهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما رَأَى، فقال ورقةُ: هذا النَّاموسُ الذي أُنزِلَ على موسى، يا لَيْتَني فيها جَذَعًا، أكونُ حَيًّا حينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فقال رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : «أوَمُخْرِجِيَّ هم» فقال ورقةُ: نعم، لم يَأْتِ رجلٌ قَطُّ بِمِثْلِ ما جِئْتَ به إلا عودِيَ، وإن يُدْرِكْني يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نصرًا مُؤَزَّرًا، ثم لم يَنْشَبْ ورقةُ أن تُوُفِّيَ، وفتَر الوَحيُ فَتْرَةً حتى حَزِنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم فيما بَلَغَنَا حُزْنًا غَدا منه مِرارًا كَيْ يَتَرَدَّى من رُءُوسِ شَواهقِ الجبالِ، فكلما أَوْفَى بذِرْوَةِ جبلٍ لكي يُلْقِيَ منه نَفْسَه تَبَدَّى له جِبريلُ، فقال: يا محمدُ، إنك رسول اللَّهِ حَقًّا، فيَسْكُنُ لذلك جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فإذا طالتْ عليه فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدا لِمِثْلِ ذلك، فإذا أَوْفَى بذِرْوَةِ جبلٍ تَبَدَّى له جِبريلُ فقال له مِثْلَ ذلك

    الحديث من صحيح البخاري

     
  6. أمين

    أمين مشرف

    رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    من بين الفوائد التي يمكن استخراجها من هذا الحديث:

    1) أهمية الخلوة من أجل التفكر في خلق الله والعبادة ، واعتزال أصحاب السوء والمعاصي، وهجر عالم الفتن حتى يبقى العبد وحيدا مع ربه

    2) وجوب التركيز والوعي الشديد عند تلقي القرآن الكريم، فقد ضم جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يعد يفكر إلا فيما سيقوله هذا الملك

    3) دور الزوجة الصالحة في الوقوف مع زوجها عند الشدائد وفي نجاح مهمته في هذه الحياة، وقد ظهر في الحديث أن أمنا خديجة آزرت النبي صلى الله عليه وسلم وثبتته ولم تخف كعادة النساء، وأبانت عن رجاحة عقل كبيرة باختيارها الذهاب عند أحد أهل العلم وهو ورقة بن نوفل، ليخبرهم بحقيقة ما قد حصل

    4) التكذيب والإخراج والإيذاء سنة من سنن الأمم مع من يدعوهم إلى الله عز وجل

    5) بعد كلام ورقة بن نوفل أراد رسول الله أن يتيقن من صحة ذلك الكلام، فتمنى النبي أن يقابل جبريل مرة ثانية، ليؤكد له أمر الرسالة، ويخبره بما يقوم به، لكن مع تعلق قلب الرسول واشتياقه لرؤية جبريل شاء الله أن يفتر الوحي، فظل حبيبنا صلوات ربي وسلامه عليه يخرج مرارًا إلى الجبال، لعله يقابل ذلك الرجل الذي جاءه في الغار، فحصل ما حصل.

    يقول الدكتور راغب السرجاني تعليقا على الحدث: فارق كبير بين أن تبحث الدعوة عن رجل ليحملها، أو يبحث الرجل عن الدعوة ليحملها

    نسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

    والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

     
  7. فارس

    فارس مشرف ساحة خواطر قرآنية

    رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    جزاك الله خيرا اخي امين ! استنباط جميل للدكتور السرجاني حفظه الله ! ويزيد في البيان أيضاً : فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ. هكذا بدون مقدمات، ولا سلام، ولا كلام، لم يُعرِّف نفسَه، ولم يسأل الرسول عن نفسه، يخاطبه وكأنه يعرفه من زمن، ويقول له: اقرأ. والرسول لا يدري أي شيء يقرأ، فالرسول أمّيّ لا يعرف القراءة ولا الكتابة، يقول له: اقرأ. فقال بأدبه الجم، قَالَ:"مَا أَنَا بِقَارِئٍ".لم يسأله الرسول من أنت؟ وماذا تريد؟ فهو بُهت بدخوله عليه فجأة، وقوله له: اقرأ. قال الرسول : ما أنا بقارئ. ففوجئ برد الفعل الذي أفزع الرسول ، هذا الرجل اقترب من الرسول، ثم احتضنه بشدة، يقول الرسول : قَالَ: فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي (يعني احتضنني)، حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ (أي كان الأمر شاقًّا جدًّا عليه، والرسول لم يكن ضعيفًا، بل كان قوي البنية، فمعنى ذلك أن هذا الرجل قوته هائلة)، ثُمَّ أَرْسَلَنِي (تركني).ولكن، لماذا كل ذلك العنف في التبليغ، ذلك ليعلم أنه لا يحلم وأنه يعيش واقعًا حقيقيًّا، وأن الكلام الذي سيقوله الرجل الآن يحتاج إلى تركيز ووعي، لست تحلم يا محمد هذه حقيقة.
    وما أشارت السيدة خديجة إلا إلى معاملاته للناس، وخدماته لهم، ولم تشر من قريب أو من بعيد إلى تحنثه وتعبده واعتكافه
    مقال رائع لا تحرموا أنفسكم من درره !
    http://islamstory.com/ar/نزول-الوحي-على-رسول-الله
     
    آخر تعديل: ‏22 أكتوبر 2013
  8. رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    [justify]
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته

    الحمد لله على رحمته وعفوه. الحمد لله على نعمة الإجمتاع على كتاب الله. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

    حديث أمنا خديجة رضى الله عنها عميق جدا وفيه إشارات مهمة في منهج التعامل مع القرآن الكريم :

    1) القرآن-الوحي : القرآن الكريم كلام الله عز وجل هذه طبيعته الكبرى وحقيقته العظمى وجب الوقوف عليها والتذكير بها العمر كله .. فالمشكل في تعاملنا مع كتاب الله هو أن هذه الحقيقة الكبرى تبلى في القلوب فيتبلد الحس والشعور ونأخذ القرآن على أنه مصحف (أوراق) لا على أنه وحي من الله عز وجل وكلام رب العالمين خالق السماوات والأرض (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) وكلام الحي القيوم حي ولو انقطع نزول الوحي .. وكان جعفر الصادق رضي الله عنه عندما يحدث عن كتاب الله يقول "إني سمعت الله يقول" وكأنه يسمع ربه يخاطبه مباشرتا .. ومن هنا وجب المراجعة الدائمة المنطلق الذي ندخل به على كتاب الله .

    2) أخد الكتاب بقوة : قوة الضم والإرسال "فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني" تدل على قوة الحدث وعظمة الأمر .. وقد خاطب الله عز وجل رسله - في سياق الأمر - بأخذ الكتاب بقوة وجدية وحرص واجتهاد وعزم وإقبال (يا يحيى خذ الكتاب بقوة) وأثنى على عباده المتمسكين بحبل الممدود من السماء إلى الأرض (والذين يمسِّكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين). وقد شكّل حدث نزول الوحي بداية جديدة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ومن هنا وجب علينا تجديد السير إلى الله بأخذ كتابه بقوة والتوبة من هجرانه تلاوتا وتدارسا وعملا .. إعطائه وقتنا الأول من أوقات الصفاء التي ذكرها الله عز وجل في كتابه. فآيات عديدة تنبه إلى خطورة التسويف والأماني وطول الأمد والغفلة مما يجعل القلوب البعيدة عن وحي الله قاسية (ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون).

    3) منهج التلقي والحمل : رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غار حراء بالآيات وكأنه يحماها ويرى أثر ذلك الحمل عليه بوضح "فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده" .. وهذا يدل على أن الاشتغال بالقرآن الكريم - تلاوتا وتدبرا وتدارسا - لابد أن يرى أثر على العبد في سلوكه و أموره كلها .. تفكيرا وتعبيرا وتدبيرا .. وإلا صار التدارس ترفا نستأنس به فقط ولا أثر له في الواقع .. تماما كما تعامل أهل الكتاب مع التوراة (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) .. وكأن الآية تخاطبنا نحن للعبرة .. فاللهم لا تجعلنا ممن حمّلوا القرآن ثم لم يحملوه .. ومن جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم "القرآن حجة لك أو عليك".

    4) منهج التدرج في التربية والتلقي عن الله : التربية وإصلاح النفس والمجتمع بالقرآن وتلقي كلمات الله يتم على مكث وبتدرج ليسهل استيعابها .. فلم ينزل القرآن جملت واحدة لكن بجرعات حتى يستطيع الناس تصحيح تصوراتهم عن الله واليوم الآخر والحياة الدنيا والتخلق بأخلاقه العالية وحكمه الربانية الرفيعة خطوة خطوة .. (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا) فالأمر متين وتقتيل (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا) .. وهذا المنهج واضح في حياة الصحابة الكرام وتعاملهم مع كتاب الله .. فقد استغرق عمر ابن الخطاب رضى الله عنه اثنتي عشرة سنة في حفظ سورة البقرة وكان لا يحفظ اية حتى يعمل بها .. وكأن الحفظ الحق هو "ما وقر في القلب وصدقه العمل" .

    5) الارتباط بالوحى والاشتياق إليه والحزن عند انقطاعه : اشتاق رسول الله للقاء جبريل بعد كلام ورقة بن نوفل .. وحزن عليه الصلاة والسلام مرة ثناية عدما بطأ به الوحى فنزلت عليه في سورة الضحى وخاطبه ربه قائلا سبحانه (ما ودعك ربك وما قلى) .. ولما توفاه الله إليه حزنت الصحابية أم أيمن وبكت فقيل لها لم تبكين فقالت: "إني والله قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيموت ولكن إنما أبكي على الوحي الذي انقطع عنا من السماء" .. هذا دليل على شدة ارتباط الصحابة مباشرتا بالوحى الصافي والنبع النقي وحزنهم عند انقطاعه .. فهل نحزن ونشعر بالفتور في حيانا وعلاقتنا بالله عز وجل عندما نترك القرآن جانبا وننقطع عنه ونشغل بأمور دنيانا بعدا بوصلته وهديه ؟ .. أو نعود إليه في المواسم و المناسبات الجماعية (من رمضان إلى رمضان وفي الجنائز أو عند الضرورة فقط) ؟ والإنسان لا يكون حيا - بالمعنى القرآني للحياة - إلا إذا نفخت في كيانه روح القرآن واتخذه خليلا وجاهد نفسه على العمل به والدعوة إليه بحكمة وعلى بصيرة .. (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) .. (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) .

    6) ربط القرآن الكريم بالسيرة والأحداث والواقع : حديث أمنا خديجة رضي الله عنها يبين أهمية ربط الآيات بالسياق الذي نزلت فيه حتى نفهم عمقها ومعانيها ومقاصدها في بناء النفس والمجتمع فهما سليما . والله أعلم .

    وخلاصتا يقول الدكتور الشاهد البوشيخي حفظه الله : "ما أشد خيبتنا وخسراننا حين تركنا القرآن جانبا أو نزين به الجدران، أو نطبعه و نوزعه مزينا منمقا، والمطلوب أن يسكن القلوب، هذا المطلوب هو الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، كتبه في القلوب، ورسخه في الأعمال، وهذا هو المنهاج" .


    هذا كلام كبير وثقيل ولا أمثله إطلاقا .. أسأل الله أن لا يكون حجة علىّ يوم لقائه .
    كما نسأله سبحانه أن يردنا إلى كتابه ردا جميلا أفرادا وأسرا ومجتمعات .
    ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا .. والله المستعان .[/justify]
     
    آخر تعديل: ‏25 أكتوبر 2013
  9. المدير العام

    المدير العام الإدارة طاقم الإدارة

    رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    إضافة لما ذكره أخونا أحمد أمين جزاه الله خيرا، نضيف هذا المقطع حول علاقة الإنسان بالقرآن الكريم وكيف يجب أن تكون، نترككم مع هذا الفيديو مع الملخص لفضيلة الشيخ الشاهد البوشيخي حفظه الله:

    http://www.youtube.com/watch?v=L85r19xujSY

    ---

    [​IMG]

    ﴿ قد جاءكم من الله نور ، وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم و إلى صراط مستقيم﴾(المائد:15)

    ﴿فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون﴾(الأعراف:157)

    ﴿ وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم﴾(الشوري:52)

    "إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضًا، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا ورعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه الله بما بعثني الله به فعلِم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلتُ به". الحديث

    [​IMG]

    ﴿وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون ﴾(الزخرف:44)


     
  10. أبوسلمى المصري

    أبوسلمى المصري عضو جديد

    رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    عوداً حميداً وبداية موفقه ان شاء الله
    وفقكم الله لكل خير
     
  11. Nassiba Errabti

    Nassiba Errabti عضو جديد

    رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    بارك الله فيكم على الإشارات و الإفادات الطيبة

    الرسول صلى الله عليه و سلم في هذه الحادثة الأولى لنزول الوحي خاف و فزع فزعا عظيما حتى أنه لما انقضى الأمر لجأ إلة سكنه زوجته و طلب منها "زملوني زملوني".. "لقد خشيت على نفسي" و هذا دليل على إنسانيته المحضة.. كما كافة الأنبياء و الرسل.. فهم بشر لكن الله اصطفاهم لحمل رسالته
    "وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان"، " ما كنت تتلو من قبله من كتاب و لا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون"، " وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق"
     
  12. medibasm

    medibasm عضو جديد

    رد: المجلس الأول من تدارس سورة العلق

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك
    ما احلى ان يعيش العبد في رياض القرآن
    سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
     

مشاركة هذه الصفحة