المجلس الثالث من تدارس سورة القلم

الموضوع في 'سورة القلم' بواسطة المدير العام, بتاريخ ‏22 يناير 2014.

  1. المدير العام

    المدير العام الإدارة طاقم الإدارة


    بسم الله الرحمن الرحيم

    المجلس الثالث من تدارس سورة القلم

    آيات الابتلاء:


    إنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ لا يَسْتَثْنُونَ فطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ انطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَن لّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ.


    البيان العام:

    هذا مثل ضربه اللّه تعالى لكفّار قريش، فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة، وهو بعثة محمد صلى اللّه عليه وسلم إليهم، فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة، ولهذا قال تعالى: "إنا بلوناهم" أي اختبرناهـم "كما بلونا أصحاب الجنّـة"، وهي البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه "إن اقسموا ليصرمنّهـا مصبحين"، أي حلفوا ليجذن ثمرها ليلاً، لئلا يعلم بهم فقير ولا سائل، ولا يتصدقوا منه بشيء، "ولا يستثنون" أي فيما حلفوا به، "فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون" أي أصابتها آفة سماوية، " فأصبحت كالصريم" قال ابن عباس: أي كالليل الأسود، وقال السدي: مثل الزرع إذا حصد أي هشيماً يبساً، عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إياكم والمعاصي، إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقاً قد كان هيء له) ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم" أخرجه ابن أبي حاتم، قد حرموا خير جنتهم بذنبهم،" فتنادوا مصبحين" أي وقت الصبح نادى بعضهم بعضاً ليذهبوا إلى الجذاذ أي القطع،" أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين" أي تريدون الصرام، قال مجاهد: كان حرثهم عنباً، " فانطلقوا وهم يتخافتون" أي يتناجون فيما بينهم، بحيث لا يُسْمِعُون أحداً كلامهم، ثم فسر عالم السر والنجوى ما كانوا يتخافتون به، فقال تعالى: "فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين" أي يقول بعضهم لبعض لا تمكنوا اليوم فقيراً يدخلها عليكم، قال تعالى: "وغدوا على حرد" أي قوة وشدة، وقال مجاهد: على جد، وقال عكرمة: على غيظ، " قادرين" أي عليها فيما يزعمون ويرومون، " فلما رأوها قالوا إنا لضالون" أي فلما وصلوا إليها وأشرفوا عليها، وهي على الحالة التي قال اللّه عزَّ وجلَّ، قد استحالت عن تلك النضارة والزهوة وكثرة الثمار، إلى أن صارت سوداء مدلهمة لا ينتفع بشيء منها، فاعتقدوا أنهم قد أخطئوا الطريق، ولهذا قالوا: " إنا لضالون" أي قد سلكنا إليها غير الطريق فتهنا عنها، ثم تيقنوا أنها هي فقالوا "بل نحن محرومون" أي بل هي هذه، ولكن نحن لا حظ لنا ولا نصيب. وقال تعالى"قال أوسطهم" ، أي أعدلهم وخيرهم قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة " ألم أقل لكم لولا تسبحون"! قال مجاهد والسدي: أي لولا تستثنون، وكان استثناؤهم في ذلك الزمان تسبيحاً، وقال ابن جرير: هو قول القائل إن شاء اللّه، وقيل"لولا تسبحون" أي هلا تسبحون اللّه وتشكرونه على ما أعطاكم وأنعم به عليكم " وقالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين" أتوا بالطاعة حيث لا تنفع، وندموا واعترفوا حيث لا ينجع، ولهذا قالوا "إنا كنا ظالمين . فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون" أي يلوم بعضهم بعضاً، على ما كانوا أصروا عليه من منع المساكين، فما كان جواب بعضهم لبعض إلا الاعتراف بالخطيئة والذنب، " قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين" أي اعتدينا وبغينا وجاوزنا الحد حتى أصابنا ما أصابنا " عسى ربنا أن يبدلنا خيراً منها إنا إلى ربنا راغبون" قيل: راغبون في بذلها لهم في الدنيا، وقيل: احتسبوا ثوابها في الدار الآخرة، واللّه أعلم. ذكر بعض السلف أن هؤلاء قد كانوا من أهل اليمن، وقيل: كانوا من أهل الحبشة وكان أبوهم قد خلف لهم هذه الجنة، وكان يسير فيها سيرة حسنة، فكان ما يستغل منها يرد فيها ما تحتاج إليه، ويدخر لعياله قوت سنتهم، ويتصدق بالفاضل، فلما مات وورثه بنوه قالوا: لقد كان أبونا أحمق، إذ كان يصرف من هذه شيئاً للفقراء، ولو أنا منعناهم لتوفر ذلك علينا، فلما عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم، فأذهب اللّه ما بأيديهم بالكلية رأس المال والربح والصدقة فلم يبق لهم شيء، قال اللّه تعالى" كذلك العذاب" أي هكذا عذاب من خالف أمر اللّه، وبخل بما آتاه اللّه وأنعم به عليه، ومنع حق المسكين والفقير، وبدّل نعمة اللّه كفراً،" ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون" أي هذه عقوبة الدنيا وعذاب الآخرة أشق.


    [​IMG]




     
  2. Nassiba Errabti

    Nassiba Errabti عضو جديد

    رد: المجلس الثالث من تدارس سورة القلم

    ذكرتني الآيات هنا بقصة صاحب الجنتين في سورة الكهف، و التي تطرقت لفتنة "المال"..
    تلك الوسيلة الدنيوية التي يسخرها الله تعالى لبني آدم اختبارا لهم و ابتلاءا، و فتنة قصد التمحيص.. قال جل و علا: "و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين"..، فالمؤمن الصادق لا يغتر بماله، و لا يطغى به فيجاوز حدوده معتديا على حق الله - كما اعتدى صاحب الجنتين "ما أظن أن تبيد هذه أبدا و ما أظن الساعة قائمة"- و لا يعتدي على حقوق الآخرين في ماله الذي جعله الله خليفته فيه و أمره بصرفه في مكانه تعبدا..، قال تعالى: " و أنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه"، و قال: " قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل.. "..
    و المال كذلك "نعمة" ينظر بها للمرء أيكفر أم يشكر !؟ "و لئن دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله.."، و الشكر إنما يكون وقت الرخاء كما الشدة..، و وقت حضور النعمة لا فقط حين غيابها و زوالها "وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله"..
    و حدوث المنع قد يكون عين العطاء إن فقه صاحبه..، فمصاب أصحاب الجنة في هذا المثل القرآني المضروب.. ظاهره منع و عذاب.. و بلاء بعد ابتلاء.. لكنه حقيقة خير كثير و فرصة عظيمة للاغتسال من أدران الأنانية و الظلم و الضلال و الطغيان..، و الاكتساء برداء التوبة و الأوبة و الافتقار إلى الله " عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون"، و التأمل في حقيقة أنه لا حرمان إلا حرمان الآخرة " و لعذاب الاخرة أكبر لو كانوا يعلمون"..

    تلك قصة تتكرر في كل زمان و مكان.. و ذاك ابتلاء أبدي أزلي "إنا بلوناكم كما بلونا أصحاب الجنة.." ..
    نسأل الله أن نكون ممن يعقلون و يعتبرون، من الحامدين الشاكرين.. التائبين الكرماء المنفقين.. آمين آمين
    و صلى الله و سلم على نبيه المصطفى.
     
  3. أبوأمامة-أيت باحدواسماعيل

    أبوأمامة-أيت باحدواسماعيل مشرف ساحة مشروع بصائر

    رد: المجلس الثالث من تدارس سورة القلم




    على قدر نية ليلك يكون إصباحك



    --
     
  4. المدير العام

    المدير العام الإدارة طاقم الإدارة

    رد: المجلس الثالث من تدارس سورة القلم




    5-نعمة الدين –وهي أعظم النعم- بلاء، فمن كفرها فقد ظلم وطغى وعرض نفسه للعذاب الأصغر في الدنيا والأكبر في الآخرة:

    هذا خلاصة هذا القسم الخاص بأصحاب الجنة، لماذا جيء بهذه الآية هنا "إنا بلوناهم" أي بلونا هؤلاء المكذبين من قريش وغيرها كما بلونا أصحاب الجنة.

    إذا تأملنا في قصة أصحاب الجنة، وربطنا بما سبق، ورأينا أولئك الذين سبقوا، وجدنا أن الإشكال هو: كفران نعمة الوحي، ونعمة الإيمان، ونعمة القرآن بالتحديد.

    لأن لفظة النعمة في البدايات، في بداية نزول القرآن الكريم، كانت تنصرف بالدرجة الأولى إلى القرآن.

    هذه النعمة "وأما بنعمة ربك فحدث" "ما أنت بنعمة ربك بمجنون" وهي التي تمت بعد "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي" المائدة/3 نعمة القرآن تمت وانتهت، وانتهى نزول القرآن وهي في الحقيقة تستلزم النبوة بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والرسالة والإيمان وكل شيء.

    هذا القرآن هو الذي به كان كل ما كان، كل ما كان حتى في رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالقرآن.

    الذي حوله مما كان عليه إلى ما صار إليه هو القرآن، أربعون سنة وهو يعيش كبقية الناس من خير الناس، ولكن بنزول القرآن لم يبق ذلك الإنسان الذي كان يعرفه الناس، ولذلك اتهم بالجنون، واتهم بالكهانة، واتهم بالسحر، واتهم بالسحر، أي اتهم بالعجائب والغرائب، لأنه جاء الناس بشيء لم يألفوه ولم يعهدوه، جاء بشيء ليس في طاقة البشر.

    فنعمة الدين هي النعمة الحقيقية التي تستحق لفظ النعمة أكثر من سواها.

    هذه النعمة نفسها بلاء من الله، والله يبتلي بالخير وبالشر "ونبلوكم بالشر والخير فتنة" الأنبياء/35 والله ابتلى قريشا إذاك بنعمة القرآن، بنعمة الدين، ولكنهم كفروا، والله عز وجل يهددهم ويخوفهم من جهة، ويتألفهم أيضا من جهة أخرى ليعودوا كما عاد أصحاب الجنة في الأخير، ليتوبوا، حتى إذا أخطأوا فليتوبوا، فليعترفوا بالحق، وليعودوا إلى الله عز وجل.
    نحن –المسلمين اليوم- عندنا هذه النعمة موجودة، هي بين أيدينا، نعمة القرآن ليست إلا عندنا، وهي بلاء من الله عز وجل لنا، فإذا شكرناها وأدينا حقها فإن النعم الأخرى ستتوالى تترى، ولكن إذا لم نؤد شكرها، ولا يكون أداء الشكر إلا بالإيمان والعمل بها، فسيصيبنا ما أصابهم أو شر من ذلك.
    "قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون".
    فهذه النقطة لابد من وضعها في الاعتبار لابد أن نحس بقيمة هذه النعمة وأهميتها.



    6-المساكين محميون من قبل الله عز وجل، فمن حرمهم في حقهم فيما عنده، حرمه الله من كل ما عنده:

    ورد في الأثر "اتقوا مجانيق الضعفاء" المنجنيق كأنه المدفع بالنسبة للعصر الماضي، يأخذ الحجر الضخم ويرمي به فيكسر الحائط والجدران والبيوت وغير ذلك، المنجنيق جمعه مجانيق، ومجانيق الضعفاء الدعوات، لأنهم لا يستطيعون الرد العملي، ولكن يتوجهون إلى الله عز وجل والله معهم، وكل مسلوب الحق هو ضعيف، والضعيف لاسند له إلا الله تعالى. أصحاب الجنة اجتهدوا بكل طاقتهم أن يمنعوا وصول أي قدر من حصيلتهم إلى المساكين، اجتهدوا بكل سبيل، ولكن الله عز وجل كان من ورائهم محيطا فعاقبهم، لأنهم أرادوا حرمان المساكين من حقوقهم في مال الأغنياء، فالله عز وجل عاقبهم بحرمانهم من جميع مالهم "فأصبحت كالصريم".

    "إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها -أي ليقطفن ثمارها- مصبحين –أي في الصباح الباكر- ولا يستثنون" أي لا يبقون شيئا من حصيلتها وثمارها يمكن أن يعطوه للمساكين، وذك مع غيظ، لأن الحرد هو المنع مع الغضب "وغدوا على حرد قادرين".

    هكذا تآمروا، هكذا اتفقوا وتواطأوا "ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون".

    ما الذي حدث؟

    "فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم، فتنادوا مصبحين –لا علم لهم بما وقع- أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين –يتكلمون بالهمس ويتخافتون ألا يدخلن اليوم عليكم مسكين- وغدوا على حرد قادرين" هكذا ظنوا "فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون" عندما رأوها على الشكل الذي رأوا ظنوا أنهم قد أخطأوا الطريق ثم فهموا ما حدث، فهموا وعلموا أنهم قد حرموا من جميع ثمار الجنة، بسبب إصرارهم على أن يحرموا المساكين من حقوقهم.

    إن حقوق المساكين هي حقوق الله "كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحضون على طعام المسكين" مسألة المسكين في ميزان الله تعالى شيء عظيم، المساكين باختصار محميون من قبل الله تعالى، ومن حرمهم من حقهم فيما عنده، حرمه الله تعالى من كل ما عنده.

    والمصائب التي نعيشها ونحياها الآن في الأمة جمعاء من أسبابها الكبرى ضياع حقوق المساكين.

    انهدم ركن الزكاة على صعيد الفرد والمجتمع، وعلى صعيد الجمع والصرف، فضاعت حقوق المساكين، وحدثت المشاكل، ورأينا العجائب من أشكال البطالة وأشكال البلاء، مع أن هذا الركن وحده إذا أقيم في بلد من بلاد المسلمين فسيصبح البلد غنيا في سنوات، لأن ملايير ستتوفر بسرعة مذهلة، يمكن أن تؤسس مؤسسات إنتاجية ضخمة، ستنشأ معامل تشغل آلاف العمال، ستنشأ مؤسسات استثمارية، ومشاريع تنموية بأموال الزكاة تملك للفقراء، ويشغل فيها الفقراء، وبذلك تدور عجلة الاقتصاد. إذا نظم أمر الزكاة، ولا سيما إذا أدخلنا أيضا الأبناك نفسها على أنها مؤسسات مالية يجب أن تؤدي الزكاة على الأموال المودعة عندها حسب اجتهاد بعض العلماء.
    إذا حدث ذلك وغيره، كم نأخذ من أموال الزكاة؟ وكم نؤسس من مشروع؟ وكم ننفع من مسكين؟ وكم ننقد من أسر؟

    7-التسبيح والتوبة النصوح هما طوق النجاة عند تيقن الغرق:

    إذا وقعنا في خطأ فالتسبيح والتوبة النصوح هما طوق النجاة، وأصحاب الجنة تيقنوا الآن أنهم قد حرموا فما المخرج؟ إذا استمروا على ما هم عليه فإن هذا الحرمان سيتوالى "قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون"سبحوا الله.

    وأول أدب كان من الملائكة مع الله عز وجل حين قالوا له "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم"البقرة 30-31.

    فأولا التسبيح: تنزيه الله تعالى عن الخطأ، تنزيه الله عن النقص، تنزيه الله عن أن يكون هذا منه فيه ظلم بشكل من الأشكال، أو خطأ.

    ثم التوبة النصوح: العود والرجوع إلى الصراط المستقيم، إلى الوضع الصحيح، معنى أنهم قالوا "عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها" ندموا وتابوا، شعروا بالمشكلة وقالوا "إنا كنا ظالمين" "يا ويلنا إنا كنا طاغين" بعد ذلك "عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون" رجعوا إلى الله، سبحوا الله، واعترفوا بخطئهم وتابوا، فالتسبيح والتوبة النصوح هما طوق النجاة عند تيقن الغرق.

    بمعنى أنه حتى ولو تبين أن الغرق قد وصل، فإن الإنسان إذا سبح فإن النجاة مرجوة كما حدث لسيدنا يونس عليه السلام، إذ أخرجه الله عز وجل من بطن الحوت عندما سبح "فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون" الصافات-144 معنى هذا أن التسبيح طوق النجاة.


    الدكتور الشاهد البوشيخي - عن جريدة المحجة



     
  5. medibasm

    medibasm عضو جديد

    رد: المجلس الثالث من تدارس سورة القلم

    اللهم انفعها وارفعنا بالقرآن العظيم
     

مشاركة هذه الصفحة