المجلس الثاني من مدارسة سورة الفرقان في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! والابتلاء فيه واقع بالكلمات التالية: 1- كلمات الابتلاء: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً(4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (5) قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً(6)). 2- البيان العام: هذا مقام العروج إلى ملكوت السماوات والأرض! هذا مقام التَلَقِّي لوارداتِ النور، بصائرَ تفتح القلبَ على أسرار القرآن العظيم.. ومنهاجاً يرسم طريق العودة للأوابين والتوابين! من هنا تبدأ الفتوح! فَرَتِّلِ الآياتِ بقلبكَ ترتيلاً! وتدارس المعاني بفكرك كلمةً كلمةً، ثم رُصَّهَا على أساسِِ قلبكَ لَبِنَةً لبنةً! ثم ارفع رأسك إلى الأفق الأعلى تَرَ حبلَ الله يمتد إليك! فإن هذا القرآن (هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَمْدُودُ مِنَ السَّمَاءِ إلى الأرْضِ!)( ) فاصبر يا صاح على تتبع مدارج الكلمات معنىً معنىً ولا تَعْجَلْ! حتى إذا أبصرتَ بَوَارِقَ النُّورِ فأَبْشِرْ بالفتح المبين! أما هذه الآيات فهي تترجم في البدء مقالةَ الكفار في كل زمان! وهذه وسيلتهم الخبيثة أبداً: محاولة إبطال المصدر السماوي لهذا القرآن! وربطه بالنسبية البشرية الأرضية؛ حتى يتسنى لهم الطعن في حقيقته وشريعته، ورد دعوته على صاحبه! قديما قالها كفار قريش وكثير من أهل الكتاب. واليوم يقولها كثير من أصحاب "القراءات الجديدة"، والتأويلات الباطلة، التي تسعى إلى نفي ربانية هذا الكتاب، وإسكات نداءاته القوية الصادعة، وخنقها في قارورة التاريخ الذي كان! فقالوا جميعا: ما هذا القرآن إلا كذبا وبهتانا، اختلقه محمد واخترعه، وأعانه على ذلك قوم آخرون، من بعض رقيق أهل الكتاب، ممن كان تحت سيادة العرب آنئذ. هكذا يدعون دعوى باطلة بغير علم ولا برهان؛ فيرتكبون بذلك ظلماً فظيعاً وزورًا شنيعاً! حيث ردوا كلمات الله رب العالمين! خالقهم وخالق كل شيء! وتمردوا بتكذيبهم محمداً - صلى الله عليه وسلم - على سلطان الله العظيم، وعلى حقه الواقع على العباد أجمعين! ثم إن هذا القرآن ليس مما يمكن لبشر أن يختلقه ولا أن يخترعه. فهو حق مطلق! شاهد بذاته على ذاته! غني عن الدفاع بقوة خطابه! حجةٌ على خصومه، يتحدى البشرية بربانيته إلى قيام الساعة! وقالوا أيضا: هو أساطير الأولين، استنسخها محمد، وقد كانت تملى عليه من لدن بعض أهل الكتاب صباح مساء. وهي بالذات دعوى المتكبرين على الله من أهل هذا الزمان! يدورون بذلك في فَلَكٍ واحد من الحيرة والضلال! ويتحصنون بتصنيع المصطلحات والألفاظ في محاولاتهم العديدة لإحباط الحق! إفك، افتراء، أساطير! ولمفهوم الأسطورة اليوم دعوى نافقة في سوق الثقافة المتمردة على الدين! فالأساطير: جمع إسْطَارَة، وأُسْطُورَة، مثل أُفْكُوهَة، وأُضْحُوكَة. من السَّطْرِ في الكتابة، فكتابٌ مَسْطُورٌ: أي مكتوبٌ، مِنْ سَطَرَ يَسْطُرُ سَطْراً. ثم اشتهرت الأسطورة في الدلالة على ما سطره الأولون من أساجيع الخرافات. وذكر الطبري أنه "كان بعض أهل العلم يقول: الإسْطَارَةُ لغةً: الخرافاتُ والترهات!" ومن هنا جاء الرد من السماء قويا بَيِّناً يتحدى، على أقوى ما يكون التحدي والبيان! جاء قاطع الدلالة، بما تحمل الكلمات من العظمة والرهبة، على أن المتكلم الآن – كما هو الشأن في كل القرآن – إنما هو الله رب العالمين! فقال الله جَلَّ جَلالُه لرسوله: (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ!) هكذا يعبر مرة أخرى باسم الموصول: "الذي"، دون التصريح باسم الجلالة "الله"، تنبيها للمتلقي إلى التركيز على ما تتضمنه صلة الموصول من معان وصفات، وهو عِلْمُهُ تعالى بأسرار السماوات والأرض! فصاحب ذلك العلم المحيط بأسرار الكون كله هو المتكلم الآن، وهو منـزل هذا الفرقان! وهو سبحانه فوق سماواته، محيط بكل مخلوقاته عِلْماً وتدبيرا. فإذا تكلم تعالى تكلم من عَل محيطا بكل شيء؛ ولذلك جاء هذا القرآن محمَّلاً بكل شيء من أسرار السموات والأرض، مما تحتاجه البشرية لتدبير حياتها وبناء عمرانها، في علاقتها بنفسها وبمحيطها، وفي سيرها إلى ربها والتعرف إلى خالقها. وبهذا وأمثاله كان التحدي ولن يزال مستمرا إلى يوم القيامة! فقوة هذا القرآن هي في ذاته! بما يحمل من إعجاز وأسرار، تسلك بالإنسان ما بين السماوات والأرض! وهذه كلمات الله بين يديك تتفجر بالأنوار فتدبر! أوَليس التردد من العباد في قبول الحق من رب العباد يستحق الغضب الإلهي؟ فما بال العبد يتمرد على خالقه وسيده؟ ولكن هذا الرب العظيم كما هو عظيم بجبروته تعالى، عظيم أيضا برحمته التي وسعت كل شيء، فيمهل عباده، ويجعل لهم فسحة للتأمل والتدبر، عسى أن يُقبلوا عليه بعد ذلك تائبين مستغفرين! فقال جَلَّ ذِكْرُه وثناؤه: (إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً!) يعني: لمن تاب وآب إلى مولاه قبل فوات الأوان! 3- الهدى المنهاجي: وهو يتفرع إلى أربع رسالات، هي كالتالي: - الرسالة الأولى: في أن الكفار والمنافقين لن يزالوا أبداً – اليوم وغداً - يثيرون الشبه والفتن، أمام قوافل السائرين إلى الله والدعاة إليه. فوجب الثبات على الحق والعض على هذا القرآن بالنواجذ، والتمسيك بآياته بقوة، وعدم التأثر بما يقولون من الترهات والأباطيل التي يلقون بها في وجه المؤمنين؛ لعرقلة السير وقطع الطريق إلى الله، والتشويش على دعوته جل علاه. - الرسالة الثانية: في أن هذا القرآن رسالة الله المنـزلة من السماء إلى الأرض؛ لتعريف الإنسان بربه، وبوظيفته التي خُلق من أجلها، ثم لتنظيم حياته في علاقته بنفسه ومحيطه، ولرسم طريق العودة إلى الله. فمن أخذ به وصل، ومن أعرض عنه ضل! وكفى بذلك حقيقة كونية عظمى! - الرسالة الثالثة: في أن عمق القرآن يمتد من عالم الغيب إلى عالم الشهادة! ولذلك فأسراره لا تنتهي أبداً! ومن هنا فهو يتضمن الهدى الذي تحتاجه البشرية في مجموعها، والهدى الذي تحتاجه كل نفس في نفسها! فهو المسلك الجامع لكل المسالك، والمشرب الذي يرفد كل المشارب من موارد الخير والصلاح، على امتداد الزمان. فلا تستهن بعطاءات القرآن فتكون من المغبونين! (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ! إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ!)(لقمان: 27). - الرسالة الرابعة: في أن المتكلم بهذا القرآن إنما هو الله رب العالمين! فلا يغب عنك هذا عند تلقي رسالاته؛ فَتُحْجَبَ عن أنواره وأسراره! ثم لا تكون من الداخلين في جمال رحمته، المشمولين بلطفه وغفرانه! فاقرأ القرآن وتَلَقَّ الهدى والنور عن الله مباشرةً تكن من المبصرين! 4- مسلك التخلق: أول الخطو في طريق تلقي هذه الرسالات هو تهييء القلب تهييئا، وإعداده إعدادا؛ لاستقبال آيات القرآن! تماما كما نهيء البدن والروح معا بفعل الوضوء؛ للدخول في الصلاة! ولا يكون ذلك إلا بالأخذ بكل مجامع النفس، وكبح كل صوارفها، قصد اعتلاء مقام التلقي عن الله - خلال الصلاة وخارجها – ثم فتح باب الروح لشلال النور، كلما أشرق وارده على القلب من السماء! ولا تنس يا صاحبي استغلال أحسن الأوقات لذلك! فالأوقات لها أسرار، مما وردت به الآيات والأخبار، سيرا إلى الله عبر مدار الفَلَكِ السيَّار، ما بين العشي والإبكار وخلوات الأسحار. فإذا قدحت بلسانك مصباح القرآن، فافتح بصيرة روحك؛ لمشاهدة جمال أسماء الله الحسنى عند تلاوته، ثم مشاهدة تجليات صفته تعالى بما هو منـزل القرآن! وإياك والغفلة - عند التلاوة - عن أم الحقائق! وهي أن المتكلم بهذا القرآن إنما هو الله جل جلاله! فتأدب عند الوقوف أو الجلوس بين يديه تعالى بأدب العبودية! حتى لا تكون من المحجوبين! ثم بعد ذلك تشرع في محاولة استكناه أسرار الآياتِ كلمةً كلمةً، والتحقق من موقع كل حقيقة إيمانية تتلقاها: ما حظها من نفسك؟ وما موقعها من سلوكك اليومي؟ وهناك تبدأ باكتشاف الثغرات والثلمات، لتضميدها وعلاجها. ثم كرر التلاوة عند كل ثغرة وأمام كل علة! انظر! ها هي ذي الجروح تلتئم، وها هي ذي الأمراض تتهيأ للشفاء! فسبح بحمد ربك واستغفره، وكن من الشاكرين! ثم قم! هذه أنوارٌ من أسرار القرآن صارت لك الآن خُلُقاً، فَأَدِّ للهِ حَقَّ الدعوة إليه واشتغل بالنذارة للعالمين! فيا نفسي العليلة! إلى متى وأنت تُغَلِّقِينَ الأبوابَ دونَ دواءِ القرآن؟ إلى متى وإلى متى؟ وهذه آياته تتنـزل من الرحمن شفاءً لا يغادر سقماً! ــــانتهت.
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! بارك الله لك مجهودك سيدي الكريم واسأل الله الرحمان ان يجعل لك نورا تمشي به بين الناس.
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! اشكرك كثيرا استاذي فريد على ما تتكبد من عبئ و ما تتحمل من صبر في خدمة القران الكريم وادعوا المالك سبحانه ان يعظم لك في الاجر و يجزل لك في الفضل انه سميع مجيب . حقا لقد تاثرت بكل عبارة و اشارة كنت امر عليها لما لها من عمق واصالة نابعة من مشكاة القران العظيم و لما وجدت فيها من صدق و تجرد ناجم عن مجاهدة النفس لتمثلها. واقول لك سيدي فعلا الان و الان بالاخص بدات دعوتك القرانية تعطي ثمارها ... فاصبر لحكم ربك انك باعيننا.
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! جزاك الله خيرا يا أستاذنا الفاضل على هذه الكلمات الرقراقة الربانية التي سطع شمسها على قلوبنا. أجل أحبتي إن نسيم القرآن ممزوجا برحيق الإيمان إذا هبَّ على أركان النفس عطَّرَ جوها و نقّى كيانها و أرهف حِسَّها ، فأورث في القلب جمالا و جلالا ينبعان من معين الجمال و الجلال ، إنها تجليات الأنوار الربانية التي تسطع شمسها على القلب المؤمن فتزيده رونقا و إشعاعا. كيف يشرق قلب صُوَر الأكوان منطبعة في مرآته ؟يتساءل ابن عطاء الله رحمه الله . ألم تركيف أن المرآة إذا وجًَهْتَها إلى الشمس ساطعة كيف تتلألأ بمثل ضياء الشمس. فالمرآة الصافية لا تعكس إلا الصفاء.نسأل الله أن يصقل مرآة قلوبنا بكتابه.
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! بسم الله الرحمن الرحيم. توضح هذه الآيات المباركة طبيعة العقلية الظلامية التي تحكم الكافر، ثم تبين الطريق للنجاة من خيوطها العنكبوتية. إذ إن الكافر الذي أظلم قلبه بظلمات الشرك و المعاصي لا يطيق الوضوح، و لا يجد راحته إلا في الالتواء و الغموض. انظر مثلا إلى قولهم : (أعانه عليه قوم آخرون) و إلى قولهم : (تُمْلَى عليه بكرة و أصيلا). نكرة، مبني للمجهول... هكذا يلقون التهم جزافا على الملأ، كما يفعل بعض القابضين على الإعلام اليوم، معتمدين على أن عامة الناس لا يمحصون الأخبار و لا يجهدون عقولهم في التحري، فتنطلي الحيل و يثبت الافتراء. أمام هذا كله، يأتي الرد القرآني (قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات و الأرض) قائلا للمفترين : ألقوا ما أنتم ملقون من الأخبار الغامضة و الشبهات الملغومة، فإن الله تعالى يعلم السر كله. و لقد أنزل في هذا القرآن مفاتيح الأسرار كلها. فدخل العبد المتمسك بالقرآن بهذا في دائرة عظيمة من النور و الوضوح، لأن طلاسم الغموض كلها قد انجلت بهذا القرآن، و لم يبق أمامه إلا طريق واضح مستقيم.. فرقان عظيم يبدد الظلام و الظلمات. (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا).
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! بارك الله فيك أستاذنا الكريم فريد على هذا الكلام الفريد.
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أستاذي فريد جعلك الله من المفردين وزادك نورا من لدنه.القران كما قلتم هو من رب العالمين.ويليتنا نعي هذا الأمر ونتيقن منه ونحيا عليه ونعيش به ونموت عليه. هذه الحقيقة شيخنا الفاضل -عافاك الله وشافاك- هي أس الحقائق فعسانا أن نفهم. نورنا الله بنور القران وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.وجعلنا من المخلصين المقبولين. تلميذكم الذي يحبكم في الله
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمان الرحيم جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل و بارك فيك ورزقك الصحة والعافية إلى غاية الآن، يظهر لسورة الفرقان نظام عجيب، فبعد أن صرح الله جل وعلا في أول السورة بأنه منزل الفرقان على عبده، أثنى على نفسه بما هو أهله جل وعلا، "الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك، وخلق كل شيء فقدره تقديرا" حتى يستحضر كل من أراد قراءة القرآن أنه من لدن الرب العظيم المتصف بكل تلك الصفات، وجاء بعد ذلك ذم المشركين وماهم عليه من ظلم، وكأنه جل وعلا يقارن بين آلهتهم وبين ذاته تعالى عما يشركون،ثم بعد ذلك استعرض جل وعلا ما يقوله الكفار للدفاع عن معتقداتهم بنسبهم القرآن إلى غير الله، ثم جاء التأكيد مرة أخرى بأنه من الله الذي يعلم السر في السماوات والأرض ولكن الله تعالى أخبر في أول السورة بانه منزل الفرقان، ومدح نفسه بأعظم صفات المدح والثناء، فما فائدة التكرار الآن؟ ولماذا ورد وصفه جل وعلا بهذه الصفة الغريبة في هذا الموضع؟ يظهر وكأن لذلك معنى غريبا، ولماذا لم يمدح الله نفسه بأنه يعلم السر والجهر كما في غير هذه السورة؟ "إنه يعلم الجهر وما يخفى " و "إن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى " أي يعلم الجهر و السر وأخفى وجواب ذلك والله أعلم، أنه وكأنه يقول للكفار الذين لفقوا التهم لرسول الله، إنني أعلم السر الذي تخفونه في قرارة أنفسكم ، وهو أنكم تعلمون أن محمدا صلى الله عليه وسلم صادق، ولكنكم تكذبونه لغاية في نفوسكم تريدون قضاءها "إنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون" ، وكأنه يقول لهم أيضا أنه جل وعلا يعلم السر الذي يخفونه بعدما وصف آلهتهم ، وهو أنهم يعلمون أنها لا تخلق شيئا بل تخلق، ولا تملك لنفسها ولا لهم نفعا ولا ضرا، ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا، ويقول لهم أنكم تعلمون أنني أنا الله الإلاه الرب الحق، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون، أي ينكرون ما هو ظاهر بين، يقول لهم :إنني أعلم أنكم تخفون كل ذلك، فتوبوا إلي ولأغفرن لكم، " إنه كان غفورا رحيما" وهذا والله أسلوب ومنهاج بديع في استدراج العبد إلى التوبة والإسلام، ومثل ذلك مثل ابن يقول في أبيه كلاما قبيحا ، ويحسب أنه يخبئ ذلك عنه، فيأتيه الأب ويقول إنني أعلم أنك قلت في كذا وكذا، وإنني لأسامح بسرعة، فما يكون رد فعل اللإبن غير السقوط على رجل أبيه يعتذر ويستسمح، إلا إن كان الإبن "مسخوط الوالدين" . وكذلك ماذا بوسع عبد كافر إن كان به خير وسمع هذا الكلام إلا أن يقول رب ظلمت نفسي فاغفر لي ويسلم لله رب العالمين، إلا إن كان هذا العبد "مسخوط ربه"، جاحدا ويتحدى ربه كل التحدي معلنا الحرب عليه جل وعلا ، وليس فيه ذرة خير، لأنها لو كانت فيه لاستجاب لله، ولله المثل الأعلى ومن هنا كانت هذه السورة فرقانا بهذا المنهاج الفذ والأسلوب الدعوي الحكيم العجيب، فرقانا بين المومنين والكافرين الجاحدين
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته ,, إخوتي في الله ، أعضاء منتدى الفطرية المبارك ، أتشرف بالانضمام إليكم بغية الإرتقاء إلى مستوى حضراتكم الكرام , فقد أعجبت كثيرا بهذ ا المنتدى الفريد و هنا يطيب أن أشكر كل القائمين عليه و أخص بذلك الدكتور فريد الأنصاري بارك الله فيه و أطال عمره في صحة و سلامة وعافية ، وكمحاولة أولى ، يطيب لي أن أشارك معكم في استقراء هاته الآيات من سورة الفرقان ، مع متمنياتي لي و لكم بالاستفادة الدائمة ، بسم الله الرحمان الرحيم 1) إصرار الكفار و المكذبين بما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم , على بطلان كلام الله مقللين من قيمته بقولهم " إن هذ ا " . 2) قول الكفار بأن ما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم ما هو إلا إفك و أساطيرساهم في إعداده مجموعة من الناس دليل على انبهارهم به، و جاء ذلك في قولهم "... و أعانه عليه قوم آخرون " وكدا قولهم "أساطير ... أصيلا" . 3) إحاطته عز وجل بكل شيء علما دليل قاطع لمن له قلب على أن هدا الكتاب حق -ودلك في مقابل جهلهم حتى بمن تعاون على تأليفه كما زعموا- فهو سبحانه يعلم السر و أخفى ومع ذلك و لعظيم منه يؤكد عز وجل على رحمته التي سبقت غضبه , إذ يمهل بذلك الكفار مانحا إياهم فرصة للإستغفار و الندم على فعلهم . هذ ا و الله تعالى أعلى و أعلم ، و إنما الموفق من وفقه الله .
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! السلام عليكم شكرا لكم أستاذانا اكريم ونفعنا الله بعلمكم نعم هذا ديدان الكافرين لحجب الحق عن الناس ووضع الحواجر وأسوار الظلام حتى لا يتبعوا هدى القرآن ويتحرروا من شَرَك عبودية لغير الله، ويتحرروا من الخضوع والذل للطغاة والجبابرة ، فبعد عجزهم عن دفع حجته الباهرة، يلتجئون لخلق الافتراءات والادعاءات والشبهات حول القرآن الكريم .. لكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وكما قال الشيخ فإن للقرآن قوة خاصة في الإقناع ، كل من قرأه وفهم معانيه ولو العامة فقط فإنه ينقاد للقرآن عقلا وقلبا، فيبقى على المسلمين تيسير الحجب التي تقف دون فهم معاني القرآن وأهمها حاجز اللغة، يجب تعلم اللغة العربية والعمل على إتقانها فإنها مفتاح القرآن الكريم، والآن هناك حملات ضد العربية الفصحى لصالح اللهجات المحلية لتحل محل الغة العربية لغة الوحي.
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ما أثارني في هذه الآية أنها وضحت شدة ضعف الكفار أمام عظمة هذا القرآن كلام الله المعجز سأوضح الكفار حينما أرادوا أن يصدوا الناس عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم استعملوا خطابا عادة ما يستعمله الفاشلون المنهزمون الضعفاء الأذلاء: فالمرء إن كان قويا حقا إما سيأتي بشيء أعظم من الشيء الذي ينتقده أو يكفر به أو سينتقده بأمور دقيقة يبين من خلالها أخطاءه وهفواته... لكن عجز الكفار وضعف حيلتهم جعلهم يأتون بملاحظات عامة لا تسمن ولا تغني ويقولون أمورا كان أحرى بهم أن يصمتوا حتى لا يفضحوا فشلهم وضعفهم : فمن يقول أن هذا القرآن إِفْكٌ افْتَرَاهُ الرسول صلى الله عليه وسلم ضعيف حقا ومن يزيد ويقول على ذلك "وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ" يبين ضعفه أكثر وأكثر ومن يقول أن القرآن أساطير الأولين يؤكد فشله وهزيمته يتضح جليا لكل صادق يبحث عن الحق أن القرآن عظيــــم جـــدا لأنهم لو كانوا يستطيعون أن يأتوا بمثله وهم أفصح العرب لفعلوا، ولكنهم عجزوا، وبدل أن يصمتوا ليخفوا ذلك كشفوا عن أنفسهم وأبانوا عن ضعفهم بكلام لا يقوله إلا المنهزمون الضعفاء وهنا بعد كل هذا وبعد اتضاح هذا الضعف وبعد اتضاح عظمة هذا القرآن وإعجازه يكفي أن تقول للباحث عن الحق من الذي أنزل هذا الكتاب إنه الــــلــــــــــــه سبحانه سبحانه الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فمن عرف الحق وآمن ف إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! بسم الله الرحمن الرحيم. قرأ الإمام في الصلاة قبل قليل آيات عجيبة : ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ )غافر(7) الواقع أن علينا أن نتوقف قليلا و نساءل أنفسنا، كلا على حدة : هل نحن نؤمن فعلا أن القرآن حق؟ و أن خبره صدق؟ إن الآيات أعلاه تحكي خبرا حول عرش الرحمن! تحكي مقولة الملائكة الأطهار حملة العرش، و دعاءهم للمذنبين مثلي و مثلك! فهل يعقل أن نستمع لهذا الخبر دون أن تقشعر جلودنا و أن نرحل بعيدا بعيدا بوجداننا إلى هنالك، تاركين تفاهات الدنيا تحت أقدامنا..؟ ألسنا ننفعل عندما نسمع خبرا عاجلا خارقا من أخبار الدنيا، فلم لا يكون لنا نفس التفاعل مع الخبر الإلهي؟؟ أخشى إخوتي أن يكون حالنا ناطقا ب : (وَ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اِكْتَتَبَهَا)! لأننا إن كنا لا نصدق تصديقا حقيقيا بخبر الوحي، فإننا إذن بكل بساطة نقرأ القرآن و أخباره على أنها أساطير، مجرد أساطير! الأمر جلل يا إخواني. إن الله تعالى (يَعْلَمُ السِّرًّ فِي السًّمَاوَتِ وَ الأَرْضِ). السرَّ كله! فإن أنزل في كتابه خبرا ما فينبغي أن نصدقه تصديقا، حتى كأننا نراه رأي العين. و ما هو الإيمان.. و ما هو اليقين إن لم يكن هذا؟؟ لكننا ضعفاء، صحيح، في بداية السير. فالحمد لله على أنه : (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرًّ فِي السًّمَاوَتِ وَ الأَرْضِ، إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً).
رد: المجلس الثاني لسورة الفرقان: في مَقَامِ التَّلَقِّي لكنوزِ الأسرار..! السلام عليكم ورحمة الله (وَقَوْله تَعَالَى" إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " دُعَاء لَهُمْ إِلَى التَّوْبَة وَالْإِنَابَة وَإِخْبَار لَهُمْ بِأَنَّ رَحْمَته وَاسِعَة وَأَنَّ حِلْمه عَظِيم مَعَ أَنَّ مَنْ تَابَ إِلَيْهِ تَابَ عَلَيْهِ فَهَؤُلَاءِ مَعَ كَذِبهمْ وَافْتِرَائِهِمْ وَفُجُورهمْ وَبُهْتَانهمْ وَكُفْرهمْ وَعِنَادهمْ وَقَوْلهمْ عَنْ الرَّسُول وَالْقُرْآن مَا قَالُوا يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَة وَالْإِقْلَاع عَمَّا هُمْ فِيهِ إِلَى الْإِسْلَام وَالْهُدَى كَمَا قَالَ تَعَالَى " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّه ثَالِث ثَلَاثَة وَمَا مِنْ إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاب أَلِيم أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّه وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم " وَقَالَ تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَاب جَهَنَّم وَلَهُمْ عَذَاب الْحَرِيق " قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : اُنْظُرُوا إِلَى هَذَا الْكَرَم وَالْجُود قَتَلُوا أَوْلِيَاءَهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَة وَالرَّحْمَة .) " ابن كثير " إنها دعوة لنا أيضا للتوبة والإنابة إليه جل في علاه فهو كان ولايزال غفورا رحيما.ونحن إذ نقبض الكتاب بين أيدينا حري بنا أن نستحضر أنه سبحانه عليم بسرائرنا فنستحيي آنئذ أن يطلع علينا و نحن سادرون في غفلة من غفلات النفس وأمانيها ، فكم مرة يدخل أحدنا في التلاوة ، بعد الإستعاذة ، ثم لايلبث أن يجد نفسه وقد التهم أوراق المصحف التهاما لا يستيقظ منه إلا وقد أتى على حزب أو جزء أو أدنى من ذلك أو أكثر ثم لم يكن حظه من ذلك كله إلا الهذُّ.. ! تماما كما نبحر في هموم الحياة بعد تكبيرة الإحرام والحال أننا قد استدبرنا الدنيا لنستقبل الصلاة. سبحانك من إله غفور رحيم.