سورة الناس..سورة الاحتماء بربّ الأرباب

الموضوع في 'مـنـتـدى مـجــالـس الــقـرآن' بواسطة هبة الله, بتاريخ ‏1 ابريل 2012.

  1. هبة الله

    هبة الله عضو جديد

    بسم الله الرحمان الرحيم

    إخوتي الفضلاء أعضاء الفطرية نسأل الله أن يبارك فيكم جميعا وأن يوفقكم جميعا

    و أسأل الله أن يكون سبب جمعنا هو عقد صلح مع القران تلاوتا وتدبرا وتزكية.


    فأغلبنا يقرأ السور القصار-في لفظها والعظيمة في معانيها- من الحزب الستون

    تجد بذلك الإنسان الأمي والطفل الصغير وكذاالكبار يحفظون هذه السور ودائما لها يرددون

    إنها سور تتلى بين كل شرائح وطوائف المجتمع.

    لذلك كانت فكرة البدء بهذه السور عسانا -بعد تدبّرها- نقرؤها قراءة تلقّ ونستفيد من معانيها لتصير فينا خلقا

    سنبدأ إن شاء الله بسورة الناس لكل الناس


    لقد نزلت في نفس الوقت مع سورة الفلق وسميت بالمعوذتين
    :يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ الاسْتِجَارَةِ وَالاحْتِمَاءِ بِرَبِّ الأَرْبـَابِ مِنْ شَرِّ أَعْدَى الأَعْدَاءِ ( إِبْلِيسَ وَأَعْوَانـِهِ مِنْ شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ ) ، الَّذِينَ يُغْوُونَ النَّاسَ بأَنْوَاعِ الوَسْوَسَةِ وَالإِغْوَاءِ

    سبب نزول السورة :


    عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ الَّلهِ صلى الله عليه وسلّم : " أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الَّليْلَةَ لَمْ يـُرَ مِثْلهُنَّ قَطّ : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ ) وَ ( وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )
    ( أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنّسَائـِيُّ)

    أخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : مرض رسول مرضاً شديداً فأتاه ملاكان ، فقعد أحدهما عند رأسه والأخر عند رجليه ، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : ما ترى ؟ قال : طُبَ ، قال وما طُبَ ؟ قال : سُحِرَ ، قال ومن سَحَرَهُ ؟ قال : لُبُيد ابن الأعصم اليهودي ، قال : أين هو ؟ قال في بئر آلِ فلان تحت صخرة في كرية ، فأتوا الركية فانزحوا مائها وارفعوا الصخرة ثم خذوا الكرية واحرقوها ، فلما أصبح رسول الله ، بعث عمار بن ياسر في نفر ، فأتوا الركية فإذا ماؤها مثل ماء الحناء ، فنزحوا الماء ، ثم رفعوا الصخرة ، وأخرجوا الكرية وأحرقوها فإذا فيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة ، وأنزلت عليه هاتان السورتان فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ( قل أعوذ برب الفلق ) ( قل أعوذ برب الناس )


    فضل المعوذتين


    عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اوى الى فراشه جمع كفيه ونفث فيهما وقرا( قل هو الله أحد) والمعوذتين, ثم مسح ما استطاع من جسده , يبدأ براسه ووجهه وما أقبل من جسده , يفعل ذلك ثلاثا
    قال النبي صلى الله عليه وسلم ( قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شئ) رواه احمد والترمذي والنسائي عن عبد الله بن حبيب رضي الله عنه.
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ياعقبة الا اعلمك خير سورتين قرئتا: قل اعوذ برب الفلق وقل اعوذ برب الناس ياعقبه اقراهما كلما نمت وقمت ما سال سائل ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما) رواه احمد والنسائي والحاكم عن عقبة رضي الله عنه.

    كلمات الإبتلاء

    قل أعوذ برب الناس ( 1 ) ملك الناس ( 2 ) إله الناس ( 3 ) من شر الوسواس الخناس ( 4 ) الذي يوسوس في صدور الناس ( 5 ) من الجنة والناس ( 6 ) ) .



    البيان العام


    قل أعوذ برب الناس ( 1 ) ملك الناس ( 2 ) إله الناس


    هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل : الربوبية ، والملك ، والإلهية ؛ فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه ، فجميع الأشياء مخلوقة له ، مملوكة عبيد له ، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات (تفسير ابن كثير)،



    من شر الوسواس الخناس



    من شر الوسواس الخناس ، وهو الشيطان الموكل بالإنسان ، فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ، ولا يألوه جهدا في الخبال . والمعصوم من عصم الله ، وقد ثبت في الصحيح أنه : " ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينة " . قالوا : وأنت يا رسول الله ؟ قال : " نعم ، إلا أن الله أعانني عليه ، فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير " وثبت في الصحيح ، عن أنس في قصة زيارة صفية النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف ، وخروجه معها ليلا ليردها إلى منزلها ، فلقيه رجلان من الأنصار ، فلما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعا ، فقال رسول الله : " على رسلكما ، إنها صفية بنت حيي " . فقالا سبحان الله يا رسول الله . فقال : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا ، أو قال : شرا " .
    وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا محمد بن بحر ، حدثنا عدي بن أبي عمارة ، حدثنا زياد النميري ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإن ذكر خنس ، وإن نسي التقم قلبه ، فذلك الوسواس الخناس " غريب .
    وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عاصم ، سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره ، فقلت : تعس الشيطان . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تقل : تعس الشيطان ; فإنك إذا قلت : تعس الشيطان تعاظم ، وقال : بقوتي صرعته ، وإذا قلت : بسم الله ، تصاغر حتى يصير مثل الذباب "(تفسير ابن كثير)


    الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس



    قال مقاتل : إن الشيطان في صورة خنزير ، يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق ، سلطه الله على ذلك ؛ فذلك قوله تعالى : الذي يوسوس في صدور الناس . وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم . وهذا يصحح ما قاله مقاتل . وروى شهر بن حوشب عن أبي ثعلبة الخشني قال : سألت الله أن يريني الشيطان ومكانه من ابن آدم فرأيته ، يداه في يديه ، ورجلاه في رجليه ، ومشاعبه في جسده ؛ غير أن له خطما كخطم الكلب ، فإذا ذكر الله خنس ونكس ، وإذا سكت عن ذكر الله أخذ بقلبه . فعلى ما وصف أبو ثعلبة أنه متشعب في الجسد ؛ أي في كل عضو منه شعبة . وروي عن عبد الرحمن بن الأسود أو غيره من التابعين أنه قال - وقد كبر سنه - : ما أمنت الزنى وما يؤمنني أن يدخل الشيطان ذكره فيوتده ! فهذا القول ينبئك أنه متشعب في الجسد ، وهذا معنى قول مقاتل . ووسوسته : هو الدعاء لطاعته بكلام خفي ، يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع صوت . (تفسيرالقرطبي الجامع لأحكام القران)
     
    آخر تعديل: ‏1 ابريل 2012
  2. هبة الله

    هبة الله عضو جديد

    رد: سورة الناس..سورة الاحتماء بربّ الأرباب

    بسم الله الرحمن الرحيم


    فهيّا يا إخوتي أعيرونا فؤادكم وأفيدونا بما جادت به أحاسيسكم

    نريد أن تكون عدد هذه الأيات لنا درجات في الجنّة نقرأ ونرقى

    نريد بداية هذا المجلس الكريم معكم أنتم أهل هذا المنتدى الطيب

    فالباب مفتوح لنا ولكم لتدبر هذه الأيات الكريمات


    فابسم الله على بركة الله



    الهدى المنهاجي
     
  3. صليحة

    صليحة عضو جديد

    رد: سورة الناس..سورة الاحتماء بربّ الأرباب

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


    سورة الناس بوابة للانسان لينال أعلى مقامات الجوار. وماذا أعظم من جوار الله الواحد القهار؟ والله مجير من استجاره من عباده المؤمنين.

    افتتحت السورة بالصفات الثلاث الربوبية والملك والألوهية
    وتضمنت معاني أسمائه الحسنى.
    الرب هو القادر الخالق ، البارئ المصور ، الحي القيوم ، العليم السميع البصير ، المحسن المنعم ، الجواد المعطي. المانع ، الضار النافع ، المقدم المؤخر ، الذي يضل من يشاء ، ويهدي من يشاء ، ويسعد من يشاء ، ويشقي من يشاء ، ويعز من يشاء ، ويذل من يشاء- إلى غير ذلك من معاني ربوبيته التي له منها ما يستحقه من الأسماء الحسنى.

    الملك : فهو الآمر الناهي ، المعز المذل ، الذي يصرّف أمور عباده كما يحب ، ويقلّبهم كما يشاء. وله من معنى الملك ما يستحقه من الأسماء الحسنى ، كالعزيز ، الجبار المتكبر ، الحكم العدل ، الخافض الرافع ، المعز المذل ، العظيم الجليل الكبير ، الحسيب المجيد ، الوالي المتعالي ، مالك الملك ، المقسط الجامع- إلى غير ذلك من الأسماء العائدة إلى الملك.

    الإله : فهو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال. فيدخل في هذا الإسم جميع الأسماء الحسنى.


    وانما ذلك مفتاح طمأنينة وراحة للعبد
    حيث يعلم انه استجار بعظيم جبار فلايضره كيد كائد أيا كان مهما قوي سواء كان من شياطين الانس او من شياطين الجن

    هي حماية من شر الشيطان ومن وسوسته وهي
    ما يلقيه الشيطان في القلب ، وهي الخطرة الرديئة .
    يقول ابن القيم رحمه الله: "الوسوسة: الإلقاء الخفي في النفس إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من أُلقِيَ عليه, وإما بغير صوت كما يوسوس الشيطان للعبد".

    مما لاشك فيه أن الشيطان يحضر الانسان في كل عمله غرضه الأعظم الكبير إفساد إيمان المؤمن, فهو يسعى بخيله ورجله ليطفىء نور العلم والهداية في قلبه.

    وتأمل حكمة القرآن وجلاله كيف أوقع الاستعاذة من شر الشيطان الموصوف بأنه «الوسواس الخناس ، الذي يوسوس في صدور الناس» ولم يقل : من شر وسوسته : لتعم الاستعاذة شره جميعه. فإن قوله : مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ يعم كل شره.

    وهنا استحضر ما قاله ابن القيم الجوزية رحمه الله في تفسيره لهذه السورة
    حتى نتبين أكثر عظيم لطف الله بالانسان ورحمته أن هيأ له من عظيم الاسباب لقهر كيد الشيطان
    يقول رحمه الله:

    “ينحصر شره-أي الشيطان- في ستة أجناس لا يزال بابن آدم حتى ينال منه واحدا منها أو أكثر:


    الشر الأول: شر الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله: فإذا ظفر بذلك من ابن آدم، برد أنينه، واستراح من تعبه معه، وهو أول ما يريد من العبد، فلا يزال به حتى يناله منه، فإذا نال ذلك، صيّره من جنده وعسكره وإستنابه على أمثاله وأشكاله فصار من دعاة إبليس ونوابه!





    فإذا يئس منه من ذلك وكان ممن سبق له الإسلام في بطن أمه نقله إلى المرتبة الثانية من الشر: وهي البدعة وهي أحب إليه من الفسوق والمعاصي؛ لأن ضررها في نفس الدين، وهو ضرر متعد، وهي ذنب لا يتاب منه، وهي مخالفة لدعوة الرسل، ودعا إلى خلاف ما جاءوا به وهي باب الكفر والشرك، فإذا نال منه البدعة وجعله من أهلها بقي أيضا نائبه وداعيا من دعائه!





    فإن أعجزه من هذه المرتبة وكان العبد ممن سبقت له من الله موهبة السنة ومعاداة أهل البدع والضلال نقله إلى:


    المرتبة الثالثة من الشر: وهي الكبائر على اختلاف أنواعها فهو أشد حرصًا على أن يوقعه فيها، ولا سيما إن كان عالمًا متبوعًا، فهو حريص على ذلك لينفر الناس عنه ثم يشيع من ذنوبه ومعاصيه في الناس ويستنيب منهم من يشيعها ويذيعها تديّنًا وتقرّبًا بزعمه إلى الله تعالى وهو نائب إبليس ولا يشعر فإن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم، هذا إذا أحبوا إشاعتها وإذاعتها، فكيف إذا تولوا هم إشاعتها وإذاعتها لا نصيحة منهم ولكن طاعة لإبليس ونيابة عنه؟! كل ذلك لينفر الناس عنه وعن الإنتفاع به، وذنوب هذا ولو بلغت عنان السماء أهون عند الله من ذنوب هؤلاء، فإنها ظلم منه لنفسه، إذا استغفر الله وتاب إليه، قَبِل الله توبته وبدل سيئاته حسنات، وأما ذنوب أولئك فظلم للمؤمنين وتتبع لعورتهم وقصد لفضيحتهم، والله سبحانه بالمرصاد لا تخفى عليه كمائن الصدور ودسائس النفوس.





    فإن عجز الشيطان عن هذه المرتبة نقله إلى:


    المرتبة الرابعة: وهي الصغائر التي إذا اجتمعت فربما أهلكت صاحبها كما قال النبي: ((إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بَطْنَ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، حَتَّى حَمَلُوا مَا أَنْضَجُوا بِهِ خُبْزَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يَأْخُذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ)) صحيحه الألباني.


    فلا يزال يسهل عليه أمر الصغائر حتى يستهين بها فيكون صاحب الكبيرة الخائف منها أحسن حالا منه!





    فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة نقله إلى:


    المرتبة الخامسة: وهي إشغاله بالمباحات التي لا ثواب فيها ولا عقاب بل عاقبتها فوت الثواب الذي ضاع عليه باشتغاله بها





    فإن أعجزه العبد من هذه المرتبة وكان حافظًا لوقته شحيحًا به يعلم مقدار أنفاسه وانقطاعها وما يقابلها من النعيم والعذاب نقله إلى :


    المرتبة السادسة: وهو أن يشغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه ليزيح عنه الفضيلة ويفوته ثواب العمل الفاضل فيأمره بفعل الخير المفضول ويحضه عليه ويحسنه له إذا تضمن ترك ما هو أفضل وأعلى منه، وقَلَّ من يتنبه لهذا من الناس، فإنه إذا رأى فيه داعيًا قويًّا ومحرّكًا إلى نوع من الطاعة لا يشك أنه طاعة وقربة، فإنه لا يكاد يقول إن هذا الداعي من الشيطان، فإن الشيطان لا يأمر بخير ويرى أن هذا خير فيقول هذا الداعي من الله وهو معذور ولم يصل علمه إلى أن الشيطان يأمر بسبعين بابًا من أبواب الخير إما ليتوصل بها إلى باب واحد من الشر، وإما ليفوت بها خيرًا أعظم من تلك السبعين بابًا وأجلّ وأفضل.





    وهذا لا يتوصل إلى معرفته إلا بنور من الله يقذفه في قلب العبد يكون سببه تجريد متابعة الرسول وشدة عنايته بمراتب الأعمال عند الله وأحبها إليه.(تفسير ابن القيم الجزء الثاني /ص677)


    فلنتأمل إخوتي هذا الباب الكبير الذي فتحه الله عزوجل لتدخل من خلال هذه السورة رحاب جواره ،فأقبل. ! وادخل جوار ربك وأقراها بصدق تكفيك وأعد لها إيمانا فذلك هو الميثاق.



    .
     
    آخر تعديل: ‏1 ابريل 2012
  4. ام حفصة

    ام حفصة عضو جديد

    رد: سورة الناس..سورة الاحتماء بربّ الأرباب

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بارك الله فيكن اخواتي وجعلت هذه الكلمات في ميزان حسناتكن .
    من خلال هذه السورة العظيمة يعلمنا الله جل جلاله أن نستعيذ به بوصفه رب الناس، ملك الناس إله الناس، ففي ذكر هذه الصفات ملاحظة ما يتصل بالشر المستعاذ به منه.
    (1) فالرب هو الخالق وفق نظام التربية، إذا التربية هي الإنشاء المتدرج حالا بعد حال، وهذا يستلزم الحضور والشهود دواما، ويستلزم الإمداد المتتابع، والخلق المتتابع آنا فآنا دون انقطاع.
    إذن فهو القادر على منح الإعاذة من شر الوسواس الخناس، الذي هو ملازم دواما لحركات قلب الإنسان ونفسه مع الآنات المتتابعات، يوسوس بفعل الشرور، ويغري بارتكاب المعاصي، ويزينها، ويستدرج للوقوع فيها، مادا خرطومه إلى المواطن المحركة للإنسان من داخله.
    فإذا ذكر الإنسان ربه خنس شيطانه الموسوس له، وكلما غفل عن ذكر ربه والاستعاذة به جعل يوسوس له، حريصا على إسقاطه في آبار المعاصي والمخالفات وارتكاب الآثام.
    إن هذه المتابعة من الشيطان الوسواس الخناس لا يقي ولا يحمي ولا يعيذ منها إلا الله جل جلاله، بوصفه ربا خالقا حاضرا شاهدا ممدا في كل الآنات المتتابعات.
    فالاستعاذة به مع ملاحظة هذا الوصف، هو الأمر الذي تقتضيه عبودية العبد لربه، نظرا إلى أن العبودية في مفهومها النفسي، هي ردود أفعال النفس السوية تجاه تصوراتها لعناصر القاعدة الإيمانية.
    إن عبودية الإنسان لربه في حالة تعرضه باستمرار لوساوس الشيطان الوسواس الخناس، تقتضي منه أن يستعيذ بالرب الذي هو شاهد حاضر عليم، متابع لعمليات الخلق المتجددة دواما منه، في كل خلية وكل ذرة من عبده، وفي كل آناته المتتابعات.

    (2) ومن كان هو الرب دوما، كان هو المالك لعبده دواما، وكان هو الملك الآمر المتصرف فيه على ما يشاء دواما.
    وفي الاستعاذة بالله جل جلاله بوصفه ملك الناس، معنى الاستنصار بصاحب الملك وصاحب الملك، لحماية ووقاية وإعاذة من هو داخل في ملكه لأنه خالقه وربه دواما، وداخل في ملكه وسلطانه، إذ هو الملك وحده في الوجود كله، فلا سلطان لأحد مع سلطانه، وهو ملك الناس الذي له حق الأمر والنهي والتكليف والمحاسبة والجزاء، ومن شأن رعية الملك أن تستنصر بملكها القوي العزيز الغالب لأعدائها، ونصره لها يكون بحمايتها ووقايتها وإعاذتها من شر كل ذي شر.
    والله جل جلاله ينصر عبده، إذا كان صحيح الإيمان به، وصادقا في عبوديته له، ومعتصما به، ومذعنا لملكه وسلطانه، وحريصا على طاعته.
    أما الكافر الجاحد، أو المخالف العاصي، أو المتهاون الناسي، فإن حظه من نصرة ربه له منعدم، أو ضعيف، وذلك بحسب حاله مع ربه.

    (3) ومن كان هو الرب، وهو المالك والملك، كان هو وحده المستحق لأن يكون الإله المعبود.
    إله الناس: أي: هو المستحق لأن يعبده وحده جميع الناس، إذ هو وحده ربهم، وهو وحده مالكهم وملكهم، فلا إله غيره، أي: لا معبود بحق سواه.
    وفي الاستعاذة بالله بوصفه إله الناس، إلماح إلى أن المستعيذ به قائم بحق ربه عليه، من توجيه عبادته له وحده، ومنها عبادة الدعاء والاستعاذة، فهو بهذا أهل لأن يكرمه الله بإجابة دعائه، وإعاذته من أعدائه الساعين إلى إغوائه وإضلاله، من شياطين الجن، ومن شياطين الإنس.
     
  5. هبة الله

    هبة الله عضو جديد

    رد: سورة الناس..سورة الاحتماء بربّ الأرباب

    بسم الله الرحمان الرحيم

    جزاكنّ الله خيرا إخوتي وبارك فيكنّ

    إنّ سورة الناس لمن السور التي نتلوها ليل نهار وقد أمرنا عليه الصلاة والسلام أن نقرأها قبل النوم وبعده

    فما السرّ الذي جعل هذه السورة العظيمة تحضى بهذه المكانة,؟

    إنّ السر في كونها سوررة استعاذة إنّها سورة احتماء

    نطلب منه سبحانه الواحد الأحد الرب الصمد الملك الإلاه

    أن يحمينا فلا أحد سواه قادر على أن يحمينا سواه !!

    لأنّه رب وملك وإلاه الناس كلّ الناس

    ولو اجتمعت الإنس والجنّ أجمعين على حفظنا لن يستطيعوا ذلك

    الله الواحد سبحانه المنتفرّد بحمايتنا فأي فضل هذا؟ وأيّ نعمة هذه لكن أين من يطرق باب الله؟

    أين من يلجأ إلى الله؟ أين من يحتمي في عون الله؟

    هذه الأيات تدعونا أولا لاستشعار الإغاثة بالله وليس بأحد سواه وباستشعارها نقول حقّا وصدقا " قل أعوذ برب الناس ملك الناس إلاه الناس"


    فالشرّ محيط بنا من كلّ جانب

    الشرّ يتربص بنا ويتحيّن الفرصة لإغوائنا وإلحاق الهلاك بنا إنّه خسران كلّ شيء

    "من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس"

    أه وألف أه على شيطان يجري فينا مجرى الدم!!

    وأه على عدوّ لا نراه ونتبعه

    إنّه شرّ والله شرّ عظيم يوسوس في أخطر المناطق -في صدورنا-!!!

    فالاستعاذة عبادة إنها أعظم عبادة

    فاللهم إنا نستعيذ بك من شر الوسواس الخناس

    اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين ونهوذ بك رب أن يحضرون
     
  6. ام حفصة

    ام حفصة عضو جديد

    رد: سورة الناس..سورة الاحتماء بربّ الأرباب

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكن الله خير ا قول الله عز وجل:
    {من شر الوسواس الخناس (4) الذي يوسوس في صدور الناس (5) من الجنة والناس (6)}.
    هذه الآيات تبين المستعاذ بالله جل جلاله من شره، مع بيان نوع الشر، وهو الوسوسة.
    الوسواس: بفتح الواو هو الشيطان، وكل ما حدثك ووسوس إليك.
    والوسوسة، والوسواس في اللغة: الصوت الخفي، من الريح، والوسواس صوت الحلي، والهمس من الأصوات والأقوال.
    والوسوسة، والوسواس: حديث النفس.
    يقال لغة: وسوس في صدره ووسوس إليه وسوسة ووسواسا.

    الخناس: صيغة مبالغة وتكثير لصيغة "الخانس" اسم فاعل من فعل "خنس يخنس خنوسا وخناسا" أي: تأخر، وانقبض واستخفى.
    وقد وصف الشيطان بأنه خناس، لأنه يخنس كلما ذكر العبد ربه، فإذا غفل أو نسي عاد الشيطان فوسوس في صدره، فإذا ذكر الله خنس، وهكذا دواليك وسواس خناس.
    وكذلك يفعل شياطين الإنس، بل شيطان الإنس أشد خطرا وأعظم ضررا من شياطين الجن، فشيطان الإنس يوسوس بالأقوال التي تمر عن طريق الفكر، حتى تصل إلى مراكز الانفعالات والعواطف والشهوات والأهواء في الصدر. وشيطان الجن يقذف من داخل النفس بالخواطر ويجري من ابن آدم مجرى الدم، فتنتقل الخواطر إلى مراكز الانفعالات والعواطف والشهوات والأهواء في الصدر.
    وحين يستجيب الإنسان بإرادته إلى هذه الوساوس فإنها تنتج سلوكا منحرفا يجلب الشر والضر للإنسان.

    روي عن ابن عباس في قوله تعالى: {من شر الوسواس الخناس} أنه قال: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس.
     
  7. هبة الله

    هبة الله عضو جديد

    رد: سورة الناس..سورة الاحتماء بربّ الأرباب

    بسم الله الرحمن الرحيم

    جزاك الله خيرا أختنا وأستاذتنا أم حفصة

    إخوتي الشر محيط بنا من كل ما علمناه وما لم نعلمه

    ومن بين هذه الشرور الوسواس الخناس الذي يوسوس في أعماق النفس ويجري فينا مجرى الدم ونحن عنه غافلون

    فقبل الاستعادة والاحتماء وجب علينا أن نعرف هذا الوسواس الذي يشاركنا كلّ شيء من ملبس وسكن و طعام و,,,,


    إنّه العدو المبين الذي يعرف كل مواطن الضعف فينا

    فلا احتماء ولا استعاذة دون معرفة ممّن نستعيذ!!!

    لو كنا نعلم خطورة هذا الوسواس الخنّاس لهربنا وللجأنا لله رب العالمين طالبين منه وحده أن ينجينا من هذا الشر المبين

    سمّاه ربّ العالمين شر إنّه شر بل أشدّ الشرور !!

    وشره يكمن في أنه يدخل على هته النفس من تسع وتسعين باب خير أريد بها شر واحد ألا وهي معصية الله وبالتالي غضب الله!!!

    فيا نفس متى تعلمين عن الوسواس الرجيم؟

    ومتى بعدها ستلجئين إلى رب العالمين؟

    ليحميك من هذا الشر المبين وهذا الحنث العضيم؟

    والله لو لجأنا له سبحانه لنجانا من كل إثم ولخنست تلكم الوسوسة

    فلكم نحن محتاجون أمام هذا الشر المستطير أن نلجأ لرب الناس ملك الناس إلاه الناس

    ونقف ببابه ليوقظنا من سباتنا العميق حتّى نردّ كيد الشيطان الرجيم وكل من يأمرنا بالسوء

    لنقف مع أنفسنا ونجنّدها ونحميها بدراع الاستعاذة عسى ضربات الوسواس تذهب هباءا منثورا!!

    لنلبس لباس الاستعاذة فهو الوحيد الكفيل بالتصدّي لهذا الشر العظيم!!

    إنها باب الإستعاذة برب الناس ملك الناس إلاه الناس

    ولن يردّ أبدا من وقف ببابه يستغيث

    لن يردّ من استعاذ به أبدا فؤلئك هم حقّا أولياء الله

    الذين انتبهوا وأعلنوا العداوة لهذا العدو المبين وطلبوا الحماية من رب العالمين

    فهم الذين قال الله فيهم في حديث قدسي صحيح بخاري ذكر في الأربعين النووية


    عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - إن الله تعالى قال : من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي سمع به و بصره الذي يبصر به ، و يده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها و لئن سألني لأعطينه ، و لئن استعاذني لأعيذنه -رواه البخاري .


    فانتبهوا معي إخوتي كيف قال الله سبحانه وتعالى

    و لئن استعاذني لأعيذنه

    نعم من طلب الإستعاذة وجدها
    لكن أين من يستعيذ؟ أين من يستغيث بالله رب العالمين؟؟

    اللهم اجعلنا من أوليائك وأهلك وخاصتك اللهم قربنا منك ولا تكلنا لأحد سواك
     
  8. هبة الله

    هبة الله عضو جديد

    رد: سورة الناس..سورة الاحتماء بربّ الأرباب

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مسلك التخلق

    كنقاط عملية

    ماذا في رأيكم إخوتي النقاط التي نخرج بها حتى تصير هذه الأيات فينا خلقا؟؟

    هيا بنا إخوتي لنتعاون على البر والتقوى
     
  9. صليحة

    صليحة عضو جديد

    رد: سورة الناس..سورة الاحتماء بربّ الأرباب

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    إذا علمنا أنه لا احتماء لنا ولا ملجأمن كيد الشيطان ووساوسه إلا بالإلتجاء لرب العالمين.ونعلم إخوتي الكرام أن في المحافظة على ذكر الله تعالى خيرا كثيرا في هذه الحياة وأجرا عظيما في الآخرة، وأذكار الصباح والمساء من أهم الأذكار التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها. فمن فوائدها انشراح الصدر وطمأنينة القلب ومعية الله تعالى وذكره للعبد في الملأ الأعلى قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.فكخطوة أولى لابد دائما من المحافظة على قراءة المعوذتين ضمن هذه الاذكار .ثم قراءتها بيقين أكبر.(يا رسول الله ! أقرأ سورة هود أو سورة يوسف ؟ ! قال : لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من { قل أعوذ برب الفلق } ، و { قل أعوذ برب الناس }تخريج مشكاة المصابيح/الشيخ الالباني)
    ما لاحظته من خلال تجربتي البسيطة أني عندما اخبر النساء بقراءتها وكانهم استقالوها لصغرها وهذا أيضا والعياذ بالله من تلبيسه حيث يغطي البصائر حتى لاترى مدى عظمة هذه السورة .
    فإذا لابد من طرد ذلك الشك الخبيث الذي يزرعه الشيطان داخل النفوس: هل هذه السورة الصغيرة فيها مافيها من الحماية والالتجاء الى الله ؟
    إن ما نحتاجه ترسيخ معاني هذه الايات العظيمة داخل النفس بعدها صدقا ويقينا سيحصل المسلم على وعد الله له بالوقاية والحماية والنصرة من كل شر.
    "ومن أصدق من الله حديثا"
     
  10. هبة الله

    هبة الله عضو جديد

    رد: سورة الناس..سورة الاحتماء بربّ الأرباب

    جزاك الله خيرا أختنا صليحة ووفقك لما فيه رضاه

    كخلاصة النقاط العملية

    1- معرفة أسم الله الرب الملك والإلاه والعيش بهذه الأسماء
    2- أذكار الصباح والمساء بما فيها المعوذتين
    3- كثرة ذكر الله ليخنس الشيطان ولا ننسى أنه يجري فينا مجرى الدم!!
    4- خلق الاستعاذة بالله (ولإن استعاذني لأعيذنّه)
     

مشاركة هذه الصفحة