ليس ورود الرسالة الموالية دليلا على استيفاء السابقة بسم الله الرحمان الرحيم ليس ورود الرسالة الموالية دليلا على استيفاء السابقة ؛ وها قد يسر الله الآن فقط الوقوف على قول نفيس عن الإستعاذة لابن كثير : " تَفْسِير الِاسْتِعَاذَة وَأَحْكَامهَا " قَالَ اللَّه تَعَالَى" خُذْ الْعَفْو وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنْ الْجَاهِلِينَ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّك مِنْ الشَّيْطَان نَزْغ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ إِنَّهُ سَمِيع عَلِيم " وَقَالَ تَعَالَى " اِدْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن السَّيِّئَة نَحْنُ أَعْلَم بِمَا يَصِفُونَ وَقُلْ رَبّ أَعُوذ بِك مِنْ هَمَزَات الشَّيَاطِين وَأَعُوذ بِك رَبّ أَنْ يَحْضُرُونِ" وَقَالَ تَعَالَى " اِدْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن فَإِذَا الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه عَدَاوَة كَأَنَّهُ وَلِيّ حَمِيم وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظّ عَظِيم وَإِمَّا يَنْزَغَنَّك مِنْ الشَّيْطَان نَزْغ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم " فَهَذِهِ ثَلاث آيَات لَيْسَ لَهُنَّ رَابِعَة فِي مَعْنَاهَا وَهُوَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَأْمُر بِمُصَانَعَةِ الْعَدُوّ الْإِنْسِيّ وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ لِيَرُدّهُ عَنْهُ طَبْعه الطَّيِّب الْأَصْل إِلَى الْمُوَالاَة وَالْمُصَافَاة وَيَأْمُر بِالِاسْتِعَاذَةِ بِهِ مِنْ الْعَدُوّ الشَّيْطَانِيّ لَا مَحَالَة إِذْ لَا يَقْبَل مُصَانَعَة وَلَا إِحْسَانًا وَلَا يَبْتَغِي غَيْر هَلاَك اِبْن آدَم لِشِدَّةِ الْعَدَاوَة بَيْنه وَبَيْن أَبِيهِ آدَم مِنْ قَبْل كَمَا قَالَ تَعَالَى" يَا بَنِي آدَم لاَ يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَان كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّة " وَقَالَ تَعَالَى " إِنَّ الشَّيْطَان لَكُمْ عَدُوّ فَاِتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبه لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَاب السَّعِير " وَقَالَ " أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِيّ وَهُمْ لَكُمْ عَدُوّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا " وَقَدْ أَقْسَمَ لِلْوَالِدِ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّهُ لَهُ لَمِنْ النَّاصِحِينَ وَكَذَبَ فَكَيْف مُعَامَلَته لَنَا وَقَدْ قَالَ " فَبِعِزَّتِك لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادك مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ " وَقَالَ تَعَالَى" فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآن فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَان عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانه عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَاَلَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ "
الغضب بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أما بعد، فمن المواقف التي تظهر جليا دور الإستعاذة الصادقة في طرد الشيطان الرجيم، نجد موقفا ذكره الإخوة هو قبيل الإقبال على المعصية، فعندئذ تحس فعلا بأنك تخلصت من داع و محرض قوي شرير و يسهل بفضل الله آنئذ التخلص من المعصية حيث لا يبقى للإنسان عدو غير نفسه التي بين جنبيه أما الموقف الآخر و الذي يظهر فيه دور الإستعاذة، هو وقت الغضب و إن اشتد، فعن سليمان بن صرد ، قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضبا ، قد احمر وجهه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "" إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "" . فقالوا للرجل: لا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: إني لست بمجنون . متفق عليه فأوصي نفسي و إخواني اجتناب الغضب ما أمكن، وإن قدر للإنسان الغضب فليجأر إلى ربه جل وعلا مستعيذا به من الشيطان الرجيم، ووالله إن الغضب لينطفئ مباشرة، و تجربة، و لم أتذكر علاقة الإستعاذة مع الغضب إلا لأنه وقع طارئ أغضبني فلم أجد ملاذا غيراللجوء إلى ربي مستعيذا من همزات الشيطان في الغضب، فوجدت نتائج الإستعاذة مباشرة ولسنا أصلا محتاجين أن نثبت بالتجربة ما قاله الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المذكور آنفا فإن استعاذ الإنسان ولم يتخلص من الغضب فليعلم أن الخلل في طريقة لجوءه إلى الله، وليس في ذات الإستعاذة، فإن الحديث صحيح صريح في هذا الباب، ووالله إنه الحق، وليتهم الإنسان نفسه، وليكرر الإستعاذة ما أمكن حتى يتحقق بخلقها الذي هو الحلم عند الغضب وفقنا الله لما يحب ويرضى، وجزاكم الله جميعا خيرا على هذه المشاركات القيمة، والتي استفدنا منها كثيرا إيمانيا و علميا، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته
إعرف عدوك، تظفر به إن شاء الله. أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه و نفخه و نفثه. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و آله و صحبه. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، مر الوقت سريعاً، و ها نحن نجاوز الشهر على افتتاح موقع الفطرية و بدء منتدانا المبارك هذا. فهل لامست أنواره المتدفقة بشاشة قلوبنا؟! أم أنا لا زلنا نتعثر في أثواب الخطايا و الشهوات ... و هنيئاً لمن جد في السير و كابد بعزم الصديقين ألم المسير فبلغ أو أنه غير بعيد. كذا هي أعمارنا -إخوتي في الله- تمر مر السحاب، حتى يجد الواحد منا نفسه موقوفاً بين يدي منكر و نكير، يسألانه عن عمره و عن علمه و عن ماله، فالبدار البدار قبل فوات الأوان ولنعد للسؤال جواباً و الله المستعان. استوقفتني هذه الخواطر فأحببت أن أشاطركم إياها. ذكرنيها مطالعتي نفسي المعيبة، و فضل ربي عظيم المنة، إذ بين و فصل و أمر و زجر و صبر و غفر و عفا و أمهل ... فيا نفسي السقيمة، أما آن لك أن تعودي! أما آن لك أن تؤوبي! فتطيعي الرحمن و تعادي الشيطان و إنه ليسيرٌ على من يسره الله عليه. فاستيقظي و انتبهي، و تحفظي و اعلمي أن عدوك ملحاح بطيء اليأس، قد أعد العدة و كله عزمٌ على الظفر بك في عقبة من سبع عقبات، بعضها أصعب من بعض، و لا ينزل من العقبة الشاقة إلى ما دونها إلا إذا عجز عن الظفر بك فيها. العقبة الأولى : الكفر بالله و بدينه و لقائه، و بصفات كماله، و بما أخبرت رسله عنه. و النجاة انما تكون ببصيرة الهداية و نور الإيمان. العقبة الثانية : البدعة إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله، و أنزل به كتابه، و إما بالتعبد بما لم يأذن به الله من الأوضاع و الرسوم المحدثة في الدين، التي لا يقبل الله منها شيئاً، و الخلاص انما يكون بنور السنه و الإعتصام بحقيقة المتابعة ، و ما مضى عليه سلف الأمة من الصحابة و التابعين. العقبة الثالثة : الكبائر و إذ ذاك يفتح عليك باب الإرجاء فيقول لك الإيمان هو نفس التصديق، فلا تقدح فيه أعمال الفسوق و العصيان و ربما أجرى على لسانك و قلبك كلمةً طالما أهلك بها الخلق، و هي قوله: "لا يضر مع التوحيد ذنب ، كما لا ينفع مع الشرك حسنة" و ظفره بك يا نفسي في هذه العقبة أحب إليه، لأن البدع تستدرج بصغيرها إلى كبيرها، حتى ينسلخ صاحبها من الدين، كما تنسل الشعرة من العجين، فمفاسد البدع لا يقف عليها إلا أرباب البصائر. و قطع هذه العقبة انما يكون بعصمةٍ من الله، أو توبةٍ نصوح. العقبة الرابعة : الصغائر، و عندها يناجيك الشيطان قائلاً : ما عليك إذا اجتنبت الكبائر ما غشيت من اللمم، و لا يزال يهون عليك أمرها حتى تدمنها، فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجل النادم أحسن حالاً منك. و نجاتك من هذه العقبة سبيلها التحرز و التحفظ، و دوام التوبة و الإستغفار، و إتباعك السيئة الحسنة. العقبة الخامسة :المباحات التي لا حرج على فاعلها، فيشغلك بها عن الاستكثار من الطاعات، و عن الإجتهاد في التزود لمعاده ، و قد يطمع في أن يستدرجك من ذلك إلى ترك السنن، ثم منه إلى ترك الوجبات. و نجاتك من هذه العقبة انما تكون ببصيرة تامة و نور هاد، و معرفة بقدر الطاعات، و قلة المقام على الميناء، و خطر التجارة، و كرم المشتري، و حينها تبخل بأوقاتك، و تضن بأنفاسك أن تذهب في غير ربح. العقبة السادسة : الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات، فيزينها لك ليشغلك بها عما هو أفضل منها و سبحان الله، يا له من عدو! فعجزه عن تخسيرك أصل الثواب لم يمنعه من أن يطمع في تخسيرك كماله و فضله. و هنا لي وقفة، لأتساءل أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الأفراد في العالم، و الأكثرون قد ظفر بهم العدو في العقبات الأول. والنجاة من هذه العقبة، تستلزم فقهاً في الأعمال و مراتبها عند الله، و لا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر و الصدق من أولي العلم، السائرين على جادة التوفيق، قد أنزلوا الأعمال منازلها و اعطوا كل ذي حق حقه. فإذا نجا أحدٌ مما سبق لم يبق هناك عقبة يطلبه العدو عليها سوى واحدة، و لو نجا منها أحد لنجا منها رسل الله وأنبياؤه، و أكرم الخلق عليه، و هي: العقبة السابعة : تسليط جنده عليه بأنواع الأذى، باليد و اللسان و القلب، على حسب مرتبته في الخير، فكلما علت مرتبته اجلب عليه العدو بخيله و رجله، و ظاهر عليه بجنده، وهذه العقبة لا حيلة لمن أدركها في التخلص منها، و عبودية المرء فيها عبودية خواص العارفين، و تسمى عبودية المراغمة، و لا ينتبه لها إلا ألو البصائر التامة، و لا شيء أحب إلى الله من مراغمة وليه لعدوه. فمن تعبد الله بمراغمة عدوه فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر. و هذا باب من العبودية لا يعرفه إلا القليل من الناس، و من ذاق طعمه و لذته بكى على أيامه الأول. و بالله المستعان، و عليه التكلان، و لا حول و لا قوة إلا بالله.
رد: مدارسة سورة الفاتحة: تابع المجلس الأول أحسنت يا ابنة محمد أحسن الله إليك! لقد رشت كلماتك الشجية قلوبنا بأندء الأسى..! ووالله لقد تغذيت منها غذاء نافعا إن شاء الله.. إنها كلمات تدخل حقا في تدبر الاستعاذة! بارك الله فيك!
رد: مدارسة سورة الفاتحة: تابع المجلس الأول بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ضيف جديد على المنتدى الطيب ، يبارك لكم افتتاح المنتدى فيقول : بارك الله لكم في منتداكم الطيب ، وجعله في خدمة دينه ودعوته ، وجعلنا من المنتفعين والمستفيدين منه ، ومن علم رواده ، كيف لايكون طيبا ، ومن رواده فضيلة الشيخ الدكتور فريد الأنصاري ، عالم الأمة المتواضع ، تبارك الله على تلك الأقلام الشابة المبدعة ، فأنتم ولا شك مستقبل هذا الدين ورجاله ونساؤه الخيرون الذين ينصرونه بعلمهم وعملهم ، ولا أنسى أن أعرج على صاحبة التعليق الأخير ، الذي جاء بعنوان ( اعرف عدوك تظفر به ) فهو تعليق مفيد ومختصر ، يبصر الناس بكيد الشيطان وحيله ووسائله المتعددة ، عفانا الله وإياكم من كيده وعداوته لهذا الإنسان المبتلى بالاستخلاف فوق هذا الكوكب الأرضي ، قال تعالى محذرا لنا من كيده الخطير ، وواصفا قسمه على إضلالنا نحن بني البشر ( ثم لآ تينهم من بين أيديهم ومن خلفهم ، وعن أيمانهم وعن شمائلهم ، ولا تجد أكثرهم شاكرين ) الأعراف 16 ولعل هذه الآية الكريمة هي التي اعتمد عليها الإمام ابن القيم رحمه الله ، وهو يصف لنا تلك العقبات السبع في كتابه القيم ، مدارج السالكين ، ووفقكم الله لما يحب ويرضى ، وجعلنا في خدمة دينه وكتابه الكريم ، وتأكدوا أنه كلما حاولنا أن نقدم خدمة للإسلام ، وجدنا الإسلام يخدمنا ويحفظنا ويصوننا ، بحفظ أنفسنا وكرامتنا ،وأعراضنا وعقولنا وأموالنا ، جزاكم الله خيرا ووفقكم وأعانكم
رد: مدارسة سورة الفاتحة: تابع المجلس الأول تواضع جم منك سيدي الفريد المنصور بإذن الله و صاحب الفضل بعد الله. جزاكم الله خيراً و بارك فيكم، و والله إنه لقبس من أنوار، جاد بها المولى سبحانه عليكم، ورثة الأنبياء. هذا ظننا بكم، و نسأله سبحانه أن يجعلكم خيراً من ذلك. أسأله سبحانه بعزته التي لا ترام، و ملكه الذي لا يضام، و نوره الذي ملأ أركان عرشه، أن يمتعكم خاصة و كل المخلصين من علماء الإسلام عامة، بالعفو و العافية و المعافاة الدائمة في الدين و الدنيا و الآخرة، و أن يقر أعينكم بنصر الإسلام و عز الموحدين، و أن يكرمكم عز و جل بنزل في الفردوس الأعلى قرب الحبيب المصطفى صلوات ربي و سلامه عليه. آمين. و لكل الجدد -و من سبقوهم أيضاً- أقول، طبتم و طاب مقدمكم و مقامكم بيننا و بوئتم من الفردوس الأعلى مقعدا.
رد: مدارسة سورة الفاتحة: تابع المجلس الأول وقد بين ابن القيم الحكمة في الاستعاذة بالله من الشيطان حين قراءَة القرآن ، فقال : 1- " إن القرآن شفاء لما في الصدور يذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة ، فهو دواء لما أمره الشيطان فيها ، فأمر أن يطرد مادة الداء ، ويخلي منه القلب ، ليصـادف الداء محلاً خالياً ، فيتمكن منه ، ويؤثر فيه ، كما قيل : أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ××× فصادف قلباً خالياً فتمكنا فيجيء هذا الدواء الشافي إلى القلب ، وقد خلا من مزاحم ومضاد له ، فينجع فيه . 2- ومنها : أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب ، كما أنّ الماء مادة النبات ، والشيطان نار يحرق النبات أولاً فأولاً ، فكلما أحسّ بنبات الخير من القلب ، سعى في إفساده وإحراقه ، فأمر أن يستعيذ بالله – عزّ وجلّ – منه ، لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن . والفرق بين هذا الوجه والوجه الذي قبله أن الاستعاذة في الوجه الأول لأجل حصول فائدة القرآن ، وفي الوجه الثاني لأجل بقائها وحفظها . 3- ومنها : أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن ، وتستمع لقراءته ، كما في حديث أسيد بن حضير لما كان يقرأ ورأى مثل الظلة فيها المصابيح ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( تلك الملائكة ) ، والشيطان ضد الملك وعدوه ، فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه ، حتى يحضره خاص ملائكته ، فهذه منزلة لا يجتمع فيها الملائكة والشياطين . 4- ومنها : أن الشيطان يجلب على القارئ بخيله ورجله ، حتى يشغله عن المقصود بالقرآن ، وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به سبحانه ، فيحرص بجهده على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن ، فلا يكمل انتفاع القارئ به ، فأمر عند الشروع في القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم . 5- ومنها : أن القارئ يناجي الله تعالى بكلامه ، والله أشد أذناً للقارئ الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته ، والشيطان إنما قراءَته الشعر والغناء ، فأمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاة الله تعالى واستماع الربّ قراءَته . 6- ومنها : أن الله سبحانه أخبر أنّه ما أرسل من رسول ولا نبي إلا إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيته ، والسلف كلهم على أن المعنى : إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته … ، فإذا كان هذا مع الرسل عليهم الصلاة والسلام فكيف بغيرهم . ولهذا يغلط الشيطان القارئ تارة ، ويخلط عليه القراءَة ، ويشوشها عليه ، فيخبط عليه لسانه ، أو يشوش عليه ذهنه وقلبه ، فإذا حضر عند القراءَة ، لم يعدم منه القارئ هذا أو هذا ، وربما جمعها له .
رد: مدارسة سورة الفاتحة: تابع المجلس الأول السلام عليكم و رحمة الله و بركاته جزاك الله خيرا أخي "جابر" على هذه الإفادة. غير أنني أحب أن أنبه على مصدرها الشيعي. حفظك الله أخانا العزيز و زادك علما و عملا. آمين السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
رد: مدارسة سورة الفاتحة: تابع المجلس الأول السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته لا اجد ما اقوله فسبحان الله العظيم لقد تطرق الاخوة وعلى راسهم شيخنا الكبير فريد الانصاري اغمده الله برحمته ونفعه بما ترك من علم ينتفع به الى كل الجوانب بقي الا ان احمد الله الذي وفقني ان اكون بينكم ومعكم لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
رد: مدارسة سورة الفاتحة: تابع المجلس الأول q ا أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(2) مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ(3) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(4) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ(5) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ(6) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ(7).)). آمين! وقد قسمنا السورة إلى خمسة مجالس. ندخل الآن المجلس الأول منها فقط. المجلس الأول في مقام التلقي لرسالة الافتقار والابتلاء فيه واقع بالكلمات التالية: 1- كلمات الابتلاء: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" 2- البيان العام: هذا مقام الفرار إلى الله، وطلب الجوار منه جَلَّ عُلاَه! عندما يستفتح العبدُ لحظاتِ الاستدرار لنور الله العظيم، تلاوةً لكتابه الكريم، فإنه يخشى أن يسطو الشيطان على قناة الاتصال بوجدانه فيجعله من الغافلين! والشيطان كل متمرد على الله من الجن والإنس. وإبليس اللعين رأس الشياطين في العالمين. وهو عدو مبين! فقد تعهد لرب العالمين بإفساد الأرض وإضلال أهلها أجميعن! (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ! إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ! قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ. إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ!)(الحجر: 40-42). وقد طرد الله - جَلَّ جلالُه - إبليسَ من سماواته، ورَجَمَهُ بالشُّهُب الثواقب! فتفرغ اللعينُ لهذا الكيد العظيم! لا يدع للخير بداية إلا أربكها بقاصف الوساوس ونيران الفتن! فجعل الرحمنُ "الاستعاذةَ" لعباده المؤمنين، نجاةً وأماناً من كل شيطان رجيم. وماذا أعظمُ من جوار الله الواحد القهار سلاماً للمؤمنين؟ ومن هنا كانت صيغة الاستعاذة راجعة إلى معنى قول القائل: أستجير بالله وحده من الشيطان الملعون، المطرود من رحمة الله، وأعتصم به تعالى من أن يضرني في ديني، أو يصدني عن حق من حقوق ربي! هكذا مطلقا، لكنها تتخذ لها خصوصا عند اعتمادها في سياق خاص؛ لتأمين الفعل المقصود بها في ذلك السياق، من تلاوة، أو صلاة، أو نحو هذا وذاك من أعمال البر والصلاح، وسائر التصرفات التعبدية، أو عند مواجهة الإملاءات الشيطانية! فيقوم المؤمن بتطهير مداخل نفسه تطهيرا من كل طَرْقٍ شيطاني خفي، مستجيراً بربه القوي العزيز: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم!) فتولي الشياطين الأدبار هاربة في متاهات ضلالها، وظلمات كيدها، بعيداً، بعيداً عن شلال النور الذي تدفق على القارئ بمجرد طلب الغوث والأمان من رب العالمين! والاستعاذة بهذه الصيغة ليست آية من كتاب الله، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرؤها؛ استجابةً لأمر الله تعالى في القرآن: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)(النحل:98). فهي أمر رباني وسنة نبوية. 3- الْهُدَى المنهاجي: وهذه الآية مع الصيغة النبوية في الاستعاذة، كلاهما متضمن لخمس رسالات، لا بد للسائر إلى الله - جَلَّ ثناؤه - عَبْرَ مِعْرَاجِ القرآن الكريم من تلقيها جميعا، الواحدة تلو الأخرى، وإلا فلا وصولَ ولا قَبولَ: - الرسالة الأولى: أنه لا بَدْءَ في طريق الله، ولا فَتْحَ للعبد الطَّارِقِ أبوابَ مَعَارِجِ القرآن؛ إلا بإعلان الولاء لله الحق، والانتظام في صف العابدين له وحده دون سواه! وإعلان معاداة الشيطان بما هو عدو لله رب العالمين، والتبرؤ منه ومن حزبه وأتباعه! وإنما الاستعاذة فتح عين القلب على بصيرة قرآنية عظمى، لا يجوز نسيانها أبداً! هي قوله تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا! إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير!)(فاطر:6) إن الاستعاذة ليست مجرد عبارات تُلْقَى في الهواء فحسب، ولكنها اتخاذ موقف! فتَدَبَّرْ..! - الرسالة الثانية: في أنه لا قوة للعبد على الانطلاق وبدء السير إلى الله والتعرف إليه تعالى؛ إلا بالاحتماء به، والالتجاء إليه ابتداءً! فلا وصول إليه بمجرد الجهد الخاص والكسب الذاتي، بل لا بد من استدرار توفيقه ورحمته، فالهداية والتوفيق والسداد، كل ذلك إنما هو بيده وحده جل علاه! وذلك من صميم التوحيد والإخلاص. وتحقيق معنى الاستعاذة في النفس تَخَلُّقٌ عميقٌ بهذا المعنى العظيم. ولا صحة لعمل - من حيث القصد التعبدي الخالص - إلا باستدراج هذا الأصل الإيماني في عمق القلب، نيةً تعبدية خالصةً، لتخليص العمل وتصفيته من كل مَنٍّ، ومِنْ كُلِّ حَوْلٍ وقوةٍ، إلا ما كان بالله وله، وحده دون سواه! - الرسالة الثالثة: في أن التعبد بالقرآن تلاوةً، وتزكيةً، وتعلماً وتعليماً، لن يؤتي ثماره، ولن يكشف عن أنواره لعبد؛ إلا إذا تبرأ من كل حول وقوة، وقدَّم بين يدي تلاوته علامة الافتقار إلى الله الغني الحميد، وهي الاستعاذة. ولذلك ليس كل قارئ للقرآن بقارئ! ولا كلُّ تَالٍ له بِتَالٍ! وإنما القارئ والتالي له هو من يتلوه حق تلاوته. والتحقق بمقاصد الاستعاذة شرط من شروط التلاوة الحق! فمن أخطأ حقيقتَها أو استهان بها عَدِمَ الثمرة، وحُرِمَ النور! فكم من قارئ يقرأ القرآن وهو عليه عَمًى! والعياذ بالله! (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ. وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى! أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ..!)(فصلت: 44). - الرسالة الرابعة: في أن الشيطان قد يتدخل فيما يقع بقلب العبد من آثار التلاوة – وهو من أشد الكيد - فيفسد الفهم، أو يفسد نية الافتقار والتعبد عند التلقي عن الله، أو يصرف البال عن مشاهدة نور الهداية؛ فلا يخرج العبد من تلاوته بشيء، وربما خرج بضلال وحيرة والعياذ بالله، كما حصل لأهل الضلالة قديما وحديثا عند قراءة القرآن! وذلك نحو ما في قوله صلى الله عليه وسلم: (سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم! يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّةِ!)( ) فلا ينجو المؤمن من هذا وذاك إلا بطلب الغوث من الله استعاذةً به تعالى؛ لتأمين وصول الواردات إلى قلبه صافيةً خالصةً! لا أثر فيها لإلقاءات الشيطان فهماً وقصداً. - الرسالة الخامسة: في أن العبد المستجير آمِنٌ من كل ذلك وغيره بإذن الله؛ لأنه استجار بعظيم! وهو - جل وعلا - لا يُضَامُ جَارُه! فالْهُدَى المنهاجي المستنبَط من "الاستعاذة" راجع إلى كونها تعبيراً عن وَصْفٍ نفسي وَوِجْدَانٍ إيماني، يقع بقلب العبد قبل أن يقع بلسانه. والتحققُ به هو أول الطريق. وتلك هي المنـزلة الأولى من منازل الإيمان، لمن رام الإقلاع في طريق التعرف إلى الله.. إنها كلمة الأدب بإعلان الافتقار الكامل إلى الله الغني الحميد جل علاه، والتبرؤ من كل حول وقوة في العلم والعمل، إلا ما كان مَنّاً كريما وفضلا جميلا من الله وحده! فلا انطلاق بغير التخلق بوصفها والتحقق بمقامها. فإن تَفْعَلْ بصدق وإخلاص فأبشر! إنك آمِنٌ بإذن الله، محروسٌ بجنوده جلَّ عُلاه، فَانْعَمْ مُطْمَئِنّاً بجِوَارِهِ تعالى وحِمَاه! 4- مسلك التخلق: والمسلك العملي للتخلق بما في هذه الكلمات من معنى تعبدي، وحكمة ربانية، راجع إلى إحداث وقفة خاصة مع النفس، ومساءلتها: ماذا تريد؟ ماذا تريد بما هي مقبلة عليه من قراءة أو عبادة؟ أحقا تريد الوصول إلى الله؟ أحقا تريد القيام بحقه العظيم جل علاه؟ والدخول في القيام بوظيفة الخدمة لدينه؟ وحمل ميثاق عهده وأمانته، وتَلَقِّي رسالاتِ هَدْيِهِ وقرآنه؟ واستدرار مدده وأنواره؟ أم أنها تقرأ وكفى؟! بلا قصد تعبدي، إلا قَصْدَ التَّعَوُّدِ والتسميع، وما دون ذلك من مبطلات الأعمال ومحبطاتها؟! فانشر نَفْسَكَ المريضة يا قلبي على طاولة التشريح؛ لاستئصال ما تجده مندسا بخفاياها وجيوبها، من حظوظها الدنوية، وموانعها الشيطانية، واقطع ذلك كله واحداً واحداً، بمقراض "الاستعاذة" تنـزيلا لمقاصدها على مواطن الداء تنـزيلاً! فلعلك تنهض سليماً مُعَافىً، بإذن الله! حتى إذا صارت لك حقائقُ الاستعاذة الإيمانية خُلُقاً وطَبْعاً، أصبح معناها بقلبكَ زاداً إيمانيا، تجده جاهزاً - إن شاء الله - متى استدعيتَه بقراءتها، عند كل تلاوة، وعند كل تصرف تعبدي أنَّى كان؛ فأَبْشِرْ! ثم إن أول ما يبعث النفس على الانطلاق السليم – بعد ذلك - هو تخليص الوجهة وتوحيد القبلة! فلك أن تطالع - لهذا القصد - أحوال السابقين الأولين كيف سبقوا؟! وتشاهد غبطة الواصلين الصادقين كيف وصلوا؟! لقد قرؤوا القرآن بكمال الافتقار إلى الله وتَلَقِّي رسالاته هُدًى وشفاءً لقلوبهم؛ فانفتحت لهم مَعَارِجُ الروح، وارتقوا في الدنيا وفي الآخرة! وتلك مَعَارِجُهُمْ لم تزل مفتوحةَ الأبواب؛ فاقْرَأْ يَا صَاحِ وارْتَقِ! فيا نفسي المغرورة..! إلى متى تبقين هكذا شاردة عن باب الله؟ إلى متى وأنت تستجيبين لأهوائك؟ تفرين إلى شهواتك وملذاتك؟ وتتلفعين بذاتك وأنانيتك؟ وما أنتِ إلا قطرة من روح في جرة من طين! متى انكسرتْ سالت! آهٍ يا نفسُ! هذه مَسَامُّكِ الصغيرة تتسع من حين لآخر؛ فيتسرب منها الشيطان إلى نفسك ليعيث فسادا داخل خواطرك وأشواقك! فيَحُولَ دون انطلاق الروح في رحلة السير الكوني إلى الله! عجبا كيف تصبرين على هذه الحال وها كل الطيور قد أعلنت توبتها، وانطلقت تضرب بأجنحتها بعيدا في رحلة المحبين؟! ففري إلى الله مستعيذةً بالله! وأعلني الافتقار الكامل له وحده جلَّ عُلاه؛ عسى أن تكوني من أهل النجاة والفتح المبين! ذلك قول الحق ذي القوة المتين: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِين!)(الذاريات:50). واجْأَرِي إلى مولاكِ باستغاثة الفقراء الصادقين: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم!" ـــــــــــــانتهى. الدكتور فريد الأنصاري رحمه الله نهاية ورقة المجلس الأول. وتليها ورقة المجلس الثاني يوم الأحد المقبل إن شاء الله.
رد: مدارسة سورة الفاتحة: تابع المجلس الأول أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(2) مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ(3) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(4) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ(5) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ(6) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ(7).)). آمين